من ضيق المعرفة إلى سَعة الخيال !
أ.د. عقبة جنان الزاوي | Okba DJENANE al-Zawi
18/02/2023 القراءات: 481 الملف المرفق
نحن نَدفع بالمتعلِّم إلى التعلُّق المفرِط بنجاح "سريع الزوال"؛ من خلال دَفعه إلى التّشبث، إلى حدِّ الهَوس، بالعلامة و النّسبة و تحصيل المعرفة المقوْلَبة ! و دليل هذا التشبّث هو لجوء المتعلِّم إلى "الغش" بكل أشكاله و ألوانه لتحقيق هذا "النجاح" المزعوم ! و هو ما يُنبئ عن عَطب في المنظومة التربوية كما يرى نايل تايسن Neil TYSON. هذا العطب الذي نَجد تجلياته و مظاهره سارية إلى أعلى محطات و مراتب التحصيل، و هي الجامعة. فنلاحظ مثلاً، معالجة الطلبة لبعض الموضوعات، معالجة سريعة و سطحية، فضلاً عن انعدام التّحمّس ! و مَردُّ ذلك، تجاوز الزمن لبعض الموضوعات من ناحية. و عدم إبداع أو إنشاء الطالب - الذي يُفترَضُ أن يكون مشروع باحث -لموضوعه بنفسه من ناحية أخرى؛ نظراً لأن موضوعه لم يأتِ نتيجة تفاعل و معاناة شخصية خاصّة؛ تُنِم عن توالد و تراكم خبرات و انشغالات معرفية عبر مساره الدّراسي. فيكون اكتفاؤه باختيار أحَد الموضوعات مَظهراً من "الاتكالية "Providentialism من طرفه، و نوعاً من "الأبويّة Paternalism "من الجهة الوصيّة؛ و الذي قد يؤدّي إلى إضعاف حِسّ المبادرة و روح الإبداع لديه. و في هذا الإجراء، تضارب صارخ بين ما نُلَـقِّـنه للطالب من فلسفة للتعلُّم في كل أطوار التّعليم؛ من خلال "المقاربة بالكفاءات "Approch Competency و بين الواقع الذي نُكرِّس له فيه منطق التعليم و التلقين السَّلبي. في حين، و في هذه المرحلة تحديداً، يجب إعطاء المبادرة الكاملة للطالب، لإيجاد بَلْ لتوليد و صناعة موضوعه بنفسه، فيجعل منه مشروعاً يتبنّاه و يتفاعل معه و يحَمل همَّ تحقيقه ذاتياً، و يُجَهِزُ نفسه للدّفاع عنه حين المناقشة. وما وظيفة الأستاذ المشرِف إلا المرافقة و الإسناد في عملية التحقيق هذه، كما هو معمول به في جامعات الدّول الناهضة، تجسيداً لمبدأ التَّعلُّم الذاتي و تمَثُّلا لروح فلسفة الفَعل و الإنجاز؛ التي تُسهم في تحقيق أهم مخرجات التربية و التعليم، و هو بناء المواطن المُشارك و المُلتَزِم.
من هنا تظهر أهمية عبارة ألبرت أنشتاين الشهيرة : " الخيال أهم من المعرفة"؛ فالواجب أن نفتِّق قريحة المتعلِّم و نُوسِّع خياله، من خلال حضّه على اكتشاف العالم المليء بالصّور الجميلة المستنفِرة للخيال المبدِع؛ لأن من شأن هذه الصّور الجميلة، إن عايَنها و عاناها الفرد، أن تَظهر في شكل أفكار كبيرة؛ تَتجلّى في مساعي المجتمع و أعماله، كما يُقرر ذلك فيلسوف الحضارة مالك بن نبي...
التعلّم، التعليم، المعرفة، الخيال
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة