مدونة سيف بن سعيد العزري


بيع المشاع إن تعذّرت القسمة عيناً أو كانت سبباً لعدم الانتفاع من المال الانتفاع المعهود

سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI


07/09/2022 القراءات: 1055   الملف المرفق


عُرضت عليّ دعوى عندما كنت قاضياً في المحكمة الابتدائية بنزوى بسلطنة عمان، كان الطلب فيها إلزام المدعى عليه بقسمة أرضين، وأن لا مانع لدى المدعين من بيعها وقسمة ثمنها، فكان الحكم - بفضل الله تعالى - نتاج بحثٍ في مدى جواز بيع المال الشائع إن لم يمكن قسمته عيناً أو كان لا يُنتفع منه الانتفاع المعهود إذا قُسم عيناً، والخلاصة أنّه "من المقرّر شرعاً أنّ قسمة المال الشائع بين الورثة بسبب الميراث أمر مشروع لكل وارث، لينتفع كلّ بما يؤول إليه بموجب القسمة، ومن المقرّر شرعاً أنّ الأصل في القسمة أن تتوجّه إلى أعيان التركة، أما إن تعذّر ذلك أو كانت القسمة للعين تفوّت المنفعة للعين أو تنقص من قيمتها فيجوز حينها إن لم يتفق الورثة بيعُ العين وقسمة ثمنها على قول، جاء في المصنف 26/73: "قال أبو المؤثر: كل شيء إذا قسم لم ينتفع جبر أهله على بيعه ولم يقسم إذا اختلفوا"، وجاء فيه 26/26: "فكل ما لم يقسم من الأموال التي تقسم، فيحكم فيها بالقسم مما يقع فيه مضرة على أحد الشركاء، ففيه قولان: أحدهما: أنه يباع ويقسم ثمنه، وقول: إنه يستغل مشاعاً غير مقسوم، ولا يجبرون على بيعه، وذلك في الأصول خاصة"، وجاء فيه 26/76-77: "وإذا كانت دار بين شركاء فلم يقع لكل واحد منهم سهمه، أو لواحد منهم خاصة ما ينتفع به للسكن، وطلب أن تباع الدار، ويقسم الثمن فذلك له، لأن في قسم الأصل عليه المضرة، قال أبو الحواري: وإن تساكنوها بالأيام كان لهم ذلك وكذا حفظنا، قال أبو سعيد: إذا لم يقع لكل واحد منهم سكن ينتفع به من أقل الإسكان في نظر العدول تركت الدار بحالها واستغلت وقسمت الغلة"، وجاء في فتاوى المعاملات لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ص373 قوله: " كل ما تعذر اقتسام عينه يباع ويقتسم ثمنه، إلا إن اتفق الشركاء على بقائه واقتسام منفعته، كاقتسام إيجاره بعد التأجير"، والمحكمة ترتضي العمل بهذا القول، وعلى نحو هذا جرى قانون المعاملات المدنية والتجارية فقد نصّت المادة (817) من قانون المعاملات المدنية أنّ: "القسمة إفراز وتعيين الحصة الشائعة"، والمادة (818) على أنّه: "يجب أن يكون المقسوم عيناً قابلة للقسمة مملوكة للشركاء عند إجرائها"، والمادة (821) على أنّه: "1-يشترط لصحة القسمة القضائية أن تتم بطلب من أحد أصحاب الحصص المشتركة، 2-تتم القسمة ولو امتنع أحد الشركاء أو تغيب"، والمادة (822) على أنّه: "يجب أن يكون المال المشترك قابلاً للقسمة بحيث لا تفوت المنفعة المقصودة منه بالقسمة"، والمادة (823) على أنّه: "إذا تعذرت القسمة عيناً أو كان من شأنها إحداث ضرر أو نقص كبير في قيمة العين المراد قسمتها جاز لأي من الشركاء بيع حصته لشريك آخر أو أن يطلب من المحكمة بيعها بالطريقة المبينة في القانون"، هذا فلمّا تبيّن المتوفّى قد ترك قطعتي أرضين، وأنّ مساحة القطعة الأولى ستمائة وستة وثمانون متراً مربعاً (686م2)، ومساحة الثانية أربعمائة متر مربع (400م2)، فإن قسمتا عيناً لم ينتفع كل وارث بما سيؤول إليه الانتفاع المعهود من الأرض السكنية، وعليه تفوت المنفعة المقصودة بالقسمة، لا سيّما وأنّ عدد الورثة ستةُ أشخاص، وأنّ أحد الورثة قد تُوفّي كذلك وترك عشرة ورثة، فلا محيص من إزالة حالة الشيوع بين الورثة ببيع قطعتي الأرضين وقسمة ثمنهما بينهم، وعليه قضت المحكمة ببيع قطعتي الأرضين وقسمة الثمن على الورثة، وستجد - أخي القارئ - الحكم القضائي في الملف المرفق أعلاه.


حكم قضائي قسمة، مال مشاع، بيع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع