مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


16/12/2022 القراءات: 335  


عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي  قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ رواه البخاري والترمذي والنسائي وأحمد وابن ماجة .

لقد صدق رسول  فيما قاله في هذا الحديث العظيم فإن كثيرا من الناس يهمل واجب النعم عليه فلا يستقبل النعم بما يجب لها من الشكر ولا يحاول استبقاؤها بأداء حق الله فيها بل يعرض عن الله وينأى بجانبه ولا يذكر هذه النعمة من نعم الله على عظمها إلا حين يعدو عليها المرض فيذبل نضرة العافية ويخطو بقوة الشباب على غير موعد إلى ضعف الشيخوخة .
أما حين ينعم الإنسان بسلامة أعضائه وقوة بنيته وحين يحس الحيوية تسري في عروقه فهو ينطلق في شهواته خاضعا لها ، وهو يظن نفسه الآمر الناهي ، وخاسرا بها وهو يحسب نفسه قد ربح كل شيء .
وتمضي به أيامه ولياليه وهو يرتع كالحيوان في ملذاته من مأكولات ومشروبات دون تفرقة بين حلال وحرام ومن غير تمييز بين طيب وخبيث فيسيء إلى نفسه ويبخسها حقها إذ يضيع طاقتها على العمل النافع وعلى الطاعة الواجبة في اللهو واللعب . قال الله جل وعلا : ﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾

وبلا شك أن الصحة عرض لا يدوم بل يمر مر السحاب وأن المرض يفقد الإنسان معظم طاقته على العمل بل ربما فقدها كلها وعجز فمن السفه والحمق إذا أن لا يغتنم الإنسان فرصة الصحة والفراغ من الشواغل للطاعة والعبادة .
وكل إنسان يعلم أن كل يوم يتقدم به الزمن يقصر عمره ومقدرته على العمل تضعف كلما خطا به الزمن ومحصوله من الأعمال الصالحة يقل كلما أقعده المرض أو أثقلته السنون فالعاقل اليقظ يحافظ على وقته أكثر من محافظته على ماله ولا يضيع منه شيئا بل يستعمله فيما يقربه إلى الله والدار الآخرة أو ما هو سبب إلى ذلك فإن فاته شيء أو نسي شيئا من أعماله بالليل قضاه بالنهار وبالعكس .
ولله آيات كونية وآيات قرآنية يتمشى المسلم النشيط المبتعد عن الكسل والعجز على ضوئها قال تعالى : ﴿ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ﴾ وقال : ﴿ إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا ﴾ فالله سبحانه لم يخلق هذه عبثا فالذاهلون عن معاني هذه الآيات ، الهائمون وراء منافعهم المعجلة حمقي لا ينتصحون من حكمة ولا يستفيدون من درس تجدهم لا يبالون بإضاعة أوقاتهم في غير فائدة وربما أضاعوها في المعاصي .
ثم اعلم أهل الضياع للوقت الذين كان أمرهم فرطا وأعمارهم سبهللا لا يفيقون من قتل أوقاتهم في البطالة وعند المنكرات من كرة وفديو وتلفزيون ومذياع وسينما وورق وغيبة ونميمة وتجسس على المسلمين ونحو ذلك .
وربما أضافوا إلى ذلك الجناية على أوقات الآخرين فشغلوهم عن أعمالهم بشئون تافهة أو فيما يعود عليهم بالخسران فهؤلاء أساءوا من جهتين على أنفسهم إذ يمضون أيامهم في غير عمل وعلى غيرهم حيث شغلوهم عن العمل والعجب أن هؤلاء الذين اعتادوا قتل الوقت إذا ما تبين فشلهم في نوبة يقظة راحوا يتساءلون عن سر هذا الفشل ويتهمون الأيام تارة والحظ تارة أخرى ، كأنهم عند أنفسهم مطبوعون على النجاح دون عمل وأن يجنوا ثمار مواهبهم بعد أن قتلوا هذه المواهب .
أما السبب الحقيقي لفشلهم فهو لا يخطر لهم ببال ولا يفكرون فيه وذلك لضعف عقولهم .
فعلى العاقل أن يبتعد عن هؤلاء الكسالى كل البعد لئلا يؤثروا عليه فيصيبه ما أصابهم من ضياع العمر سدى ويجتهد في صحبته ضد هؤلاء أناسا أتقياء محافظين على أوقاتهم لا يمضونها إلا في طاعة الله
يتبع إن شاء الله


نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع