مدونة يحيى محمود سالم التلولي


هل ممن الممكن أن يكون إبراهيم سببا في إراقة دم؟

د. يحيى محمود سالم التلولي | Dr. Yahya Mahmmoud Salem Tlouli


24/08/2022 القراءات: 646  


هل ممن الممكن أن يكون إبراهيم سببا في إراقة دم؟
بقلم/ د. يحيى محمود التّلولي
من خلال قراءتي للآيات التي تحدثت عن قصة سيدنا إبراهيم -عليه السّلام- ومحاجّته نمرود في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 258]، وبالرجوع لكتب التّفسير وجدت في بعضها " قال أكثر المفسرين : دعا نمرود برجلين فقتل أحدهما واستحيا الآخر فجعل ترك القتل إحياء له" (تفسير البغوي) و"قال: أنا أحيي وأميت، أي أقتل مَن أردتُ قَتْلَه، وأستبقي مَن أردت استبقاءه، (التّفسير الميسر) و"قال: هو «أنا أحيي وأميت» بالقتل والعفو عنه ودعا برجلين فقتل أحدهما وترك الآخر." (تفسير الجلالين)
وبناء على ما سبق، استوقفتني جملة من الأسئلة، منها: هل يمكن أن يكون سيدنا إبراهيم –عليه السّلام- سببا في إراقة دم شخص؟ كيف لنبي –وهو أبو الأنبياء- أن يفعل ذلك؟ وهل ألزم نمرود للإقدام على فعل ذلك وهو يعلم حقيقة ادعائه الباطل؟ وهل يجهل سيدنا القاعدة الأصولية "درء المفاسد مقدم على جلب المنافع؟ وأي منفعة ممكن أن تكون أعظم من إراقة دم؟ وأي مفسدة أعظم وأشد من إراقة دم؟
ولو تأملنا المحاجّة، وقررنا احتمالياتها، لوجدناها تسير كما يلي:
نمرود: من ربك؟
إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت؟
نمرود: أنا أحيي وأميت.
وهنا تأتي المعضلة الكبرى، وتجعلنا نقف أمام عدة احتمالات:
الأول: أن إبراهيم –عليه السّلام- استرسل في المحاجّة، فقال: أرني كيف تحيي وتميت؟ ولو قال ذلك لألزم نمرود أن يفعل ما يفعل من إراقة الدم، ولكان سببا في إراقة هذا الدم، وهذا محال في حق هذا النبي –عليه السّلام- ولكني لا أعتقد أن إبراهيم –عليه السّلام- يفعل ذلك، وأخالف المفسرين فيما ذهبوا إليه في تفسيراتهم.
الثّاني: أن نمرود هو من استرسل في المحاجّة، بعدما قال: أنا أحيي وأميت بالقتل والعفو عنه، ودعا برجلين فقتل أحدهما وترك الآخر. وفي هذا الاحتمال نظر، فهل سكت إبراهيم –عليه السّلام- حتى يفعل نمرود ما فعل، ولم يحاول منعه من ذلك؟ وهذا لا يمكن أن يحدث من أبي الأنبياء.
الثالث: بمجرد ما قال نمرود أنا أحيي وأميت، صرفه إبراهيم –عليه السّلام- عن ذلك إلى آية الشّمس، وهذا احتمال قوي يتناسب مع سلوك الأنبياء وفعلهم.
الرابع: أن نمرود اعتقد أنه يحيي بالعفو، ويميت بالقتل دون أن يقوم بقتل أي شخص، وهذا أيضا احتمال قوي في هذا المجال.
وعليه يمكن القول بأنه محال على إبراهيم –عليه السّلام- أن يتسبب بإراقة دم، ويكون وراء ذلك.


إبراهيم- نمرود- أحيي- أميت


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع