مدونة د. طه أحمد الزيدي


الفتوى السياسية المفهوم والخصائص- سلسلة مقالات في الفقه السياسي

د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI


23/09/2022 القراءات: 1206  



تأتي الفتوى السياسية المعاصرة في مقدمة الفتاوى التي تؤثر في المجتمع الإسلامي قوة وضعفاً؛ لأنها تتعلق بأمور الحكم والمصالح العامة وأصلها قائم على حراسة الدين وسياسة الدنيا به كما يرى الإمام الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية وابن خلدون في المقدمة، وفي ظل غياب الدولة الجامعة، فإنّ النّوازل السياسية تعد من أعقد القضايا التي تواجه الفقهاء المعاصرين، ومناط تعقيدها ومرد صعوبتها وخطورتها تكمن في:

- سعة دائرة تأثيرها في المجتمع، وارتباطها بالقضايا العامة.
- صعوبة القدرة على الإحاطة بدوافع النّازلة السياسية ومتعلقاتها.
- وكذلك تعسر استشراف مآلاتها من خلال النتائج المترتبة عليها.

وهذا يتطلب مؤهلات إضافية للفقيه الذي يتصدى لها.. ومن هنا أدرك فقهاء السياسة الشرعية خطورة هذه الفتاوى، ولاسيما في ظل تعقد النظام السياسي الذي يدير الدولة في بنائها المعاصر، وارتباطاته الخارجية، فلا يخلو مجتمع من أزمات تتعلق بالمصالح العامة،

وقد تتباين النظرات في تحقيق هذه المصالح بين السلطات وأبناء المجتمع إلى حد التعارض مما يتطلب وضع حلول لإدارة ما ينجم عن هذا التعارض من أزمات، ومصادر الحلول في مجتمعاتنا تتمحور عادة في قانون أو قرار يصدر من السلطة السياسية أو فتوى تصدر من السلطة الدينية،

ومن هنا تبرز أهمية الفتاوى ذات البعد السياسي في استقرار البلاد وفي إدارة الأزمات التي تمر بها المجتمعات الإسلامية، ومما لا شك فيه أن وضع ضوابط لهذا النوع من الإفتاء يجنبنا ومجتمعاتنا الفوضى والاضطراب، فضلا عن الإساءة إلى الإسلام.
مفهوم الفتاوى السياسية: "الأحكام الشرعية التي يحررها العلماء فيما يوجه اليهم من مسائل تتعلق بالحكم والمصالح العامة والقضايا المستجدة في زمننا الحاضر في التعامل مع أنظمة إدارة الدولة وتشريعاتها، من غير إلزام".

الخصائص العامة للفتوى السياسية المنضبطة:

-تتعلق موضوعاتها بالشأن العام ومسائل الحكم والسياسة.
-تمثل ثمرة أنواع متجددة من الفقه الإسلامي، كالفقه السياسي وفقه إدارة الأزمات وفقه الطوارئ والفقه الأمني.

-غير مخالفة لأصول الإسلام ونصوصه وقواعده المقررة وأن تكون منسجمة مع مقاصد الشريعة، فاذا صادمت نصا شرعيا أو عارضت مقصدا معتبرا كانت الفتوى مرفوضة.
-الإفتاء السياسي المعاصر جزء من الاجتهاد السياسي؛ لأنه يضم الإفتاء السياسي، والقضاء في مسائل السياسة الشرعية، والقرارات السياسية، والترجيحات في بحوث السياسة الشرعية.

-الأصل أن الفتاوى السياسية غير ملزمة، بخلاف القرارات السياسية التي تصدر عن السلطات الشرعية إذ تتمتع بصفة الالزام بما لا يخالف الشرع.
-إن أغلب الفتاوى السياسة المعاصرة تتعلق بالمتغيرات دون الثوابت من الأحكام، لمحدودية النصوص الشرعية التفصيلية القطعية في الفقه السياسي، ولارتباطها بالمستجدات والنوازل.

-أن تكون الفتوى واضحة غير مجملة تجيب عن المسألة نفسها، بألفاظ واضحة وحكم جلي..
-أن تصدر بحكم واحد ولا تذكر الخلاف من غير ترجيح، يقول ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين: لا يجوز للمفتي أن يعمل بما شاء من الأقوال والوجوه من غير نظر في الترجيح.

أن لا تتبع أهواء المفتين والمستفتين والمستهدفين، بل تتبع الدليل الشرعي ومقاصده، ورعاية المصلحة العامة -بجلب المنافع أو تكميلها ودفع المفاسد أو تقليلها -واقعا ومآلا.


فتوى سياسية- سياسة شرعية- الفقه السياسي- الافتاء السياسي- الافتاء- الشأن العام


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع