مدونة محمد كريم الساعدي


ما قبل السقراطية وجمالية التناسب الهارموني والنسبية والوجود الجمالي / الجزء الثاني

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


12/04/2022 القراءات: 926  


عرّف (هيراقليطس 576ق.م – 480 ق.م) الجمال من خلال نظرته الفلسفية القائمة على الأسس المادية النسبية ، والتي يغطي فيها كل أجزاء الطبيعة والكون ، فـ" يرجع النسبة في الجمال الى اختلاف الأنواع ، فالقرد مختلف عن الإنسان ، وتتسع آراؤه في النسبية لتشمل مفهوم الكون (...) فكل شيء في الكون متحرك موضعاً وكيفاً أي متغير في المكان والخصائص ، ولا يوجد غير التعدد والتغير الذي لا يشهد وحده في أي موضوع أو يقين ثابت " (5)، هذه الخاصية التي يرى فيها (هيرقليطس) المحرك للظاهرة الجمالية في تشكيل صورة الكون ، فلابدّ من الحركة في كل التصورات الإنسانية ، وكذلك في الطبيعة والكون ، فالحركة موضعاً وكيفاً تعطي الأستمرارية في الفهم الجمالي المستمر للحياة ، وتنتج تناسق تكون صورته الحركة في تقدمها ومحاولة فهم ما ينتج عنها تناسق باطني يشكل الظاهر الجميل لذا فإنه أشار الى ذلك في أحدى مخطوطاته بالقول: " (أن التناسق المبطن أفضل من التناسق الظاهر). ومعنى ذلك أن المضمون الجمالي للتناسق يكون أكثر روعة كلما كانت الأضداد المكونة له مخفية أكثر. وهكذا نرى أن هيراقليطس وضح أهم مفاهيم علم الجمال : الجمال ، التناسق ، الابداع على أنها انعكاس لصفات وعلاقات العالم الموضوعي " (6). إنَّ خاصية الجمال التي أشار اليها (هيرقليطس) تبقى مرتبطة بالنسبية قياساً بالشيء الأكثر كمال وترتيباً من الذي قبله ، ويشير الفيلسوف الى مستويات الجمال مقارنة بين الأدنى والأعلى حتى تتحقق النسبية الجمالية لديه ، فهو يتحدث في بعض من شذراته الكلامية حول هذا الموضوع وكأنه يضع آليات قياس الجمال بين القرد والإنسان ، وبين حكمة الأنسان والحكمة السماوية الإلهية بالقول الآتي : " إنَّ أجمل قرد قبيح إذا ما قورن بالإنسان (...) إنَّ أحكم الرجال يبدو قرداً بالمقارنة مع الآلهة ، في الحكمة والجمال على السواء وكل شيء آخر " (7)،ويتضح القانون الجمالي عنده من خلال النسبية من جهة ، والتراتبية في مستوى المتناظرين ، كما وكأن الحكم الجمالي الذي يقرر وجود الأشياء مقارنة مع بعضها البعض كما في الحالة بين القرد والإنسان والسماء. وفي المدرسة (الأيلية) فقد تميز بها فكرياً وفلسفياً الفيلسوف (بارمنيدس 515ق.م – 450 ق.م ) ، عمل على بناء منظومة فلسفية جمالية خاصة بهذه المدرسة ، مرتكزاً فيها على العقل الذي يؤسس من خلاله البناء المعرفي الجمالي ، ويعده أبعد من الحواس في نظرته الجمالية ، بعد أن كانت النظرة السائدة قبله تركز على ما هو مباشر وحسي نوعاً ما عند الفلاسفة الذين سبقوه ويختلف عنهم في هذه الجزئية ، على الرغم من اقترابه معهم في النظرة الميتافيزيقية التي كانت غالبة على الفترة الجمالية الإغريقية


الجمال ، الهارموني ، الوجود


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع