مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


البراء بن مالك الأنصاري أخو أنس بن مالك خادم رسول الله

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


20/01/2023 القراءات: 1028  


للبراء بن مالك الأنصاري أخو أنس بن مالك خادم رسول الله  كان البراء شجاعا قتل مائة من المشركين مبارزة وهو وحده غير الذين قتلهم في غمار المعارك مع المحاربين .
وبعد أن التحق النبي  بالرفيق الأعلى ارتد قبائل من العرب وخرجوا من الإسلام ، ولم يبق إلا أهل مكة والمدينة ، وجماعات متفرقة هنا وهناك ممن ثبت الله قلوبهم على الإيمان .
وصمد الصديق رضي الله عنه لهذه الفتنة المدمرة العمياء صمود الجبال الراسيات ، وجهز من المهاجرين والأنصار أحد عشر جيشا .
وعقد لقادة هذه الجيوش أحد عشر لواء ودفع بهم في أرجاء جزيرة العرب ليعيدوا المرتدين إلى سبيل الهدى والحق .
وكان أقوى المرتدين بأسا وأكثرهم عددا بنوا حنيفة ، أصحاب مسيلمة الكذاب فقد اجتمع مع مسيلمة من قومه وحلفائه أربعون ألف وكان أكثرهم قد اتبعوا مسيلمة عصبية لا إيمانا به .
فلذلك صرح بعضهم وقال : أشهد أن مسيلمة كذاب ومحمدا صادق لكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر : قدر الله أن جيش مسيلمة يهزم أول جيش خرج إليه من جيوش المسلمين بقيادة عكرمة بن أبي جهل .
فأرسل الصديق رضي الله عنه جيشا ثانيا بقيادة خالد بن الوليد حشد فيه وجوه الصحابة من المهاجرين والأنصار .

وكان في طليعة هؤلاء البراء بن مالك الأنصاري ونفر من كماة المسلمين والتقى الجيشان في أرض اليمامة ، فما هو إلا أن رجحت كفة مسيلمة وأصحابه وزلزلت الأرض تحت أقدام المسلمين وطفقوا يتراجعون عن مواقفهم حتى اقتحم قوم مسيلمة ومن معه فسطاد خالد بن الوليد واقتلعوه من أصوله .
عند ذلك شعر المسلمون بالخطر الداهم وأدركوا أنهم إن يهزموا أمام مسيلمة فلن تقوم للإسلام قائمة ، وهب خالد إلى جيشه فأعاد تنظيمه فميز المهاجرين عن الأنصار ، وميز أبناء البوادي عن هؤلاء وهؤلاء ، وجمع أبناء كل أب تحت راية واحدة ليعرف بلاء كل فريق منهم ، وليعلم من أين أتى المسلمون .
ثم دارت رحى الحرب معركة ضروس لم يعرف لها نظير ، وثبت قوم مسيلمة في ساحات الوغى ثبوت الجبال الراسيات ولم يبالوا بكثرة ما قتل منهم ، وأبدى المسلمون من الشجاعة والبطولة ما لو جمع لكان ملحمة من روائع الملاحم .
فهذا ثابت بن قيس حامل لواء الأنصار يتحنط ويتكفن ويحفر لنفسه حفرة في الأرض فينزل فيها إلى نصف ساقه ويبقى ثابتا يجالد عن راية قومه حتى خر صريعا شهيدا .
وهذا زيد بن الخطاب أخو عمر رضي الله عنهما ينادي في المسلمين أيها الناس عضوا على أضراسكم واضربوا في عدوكم وامضوا قدما ، أيها الناس والله ، لا أتكلم بعد هذه الكلمة أبدا حتى يهزم مسيلمة أو ألقى الله فأدلي إليه بحجتي ، ثم كر على قومه فما زال يقاتل حتى قتل .
وهذا سالم مولى أبي حذيفة يحمل راية المهاجرين فيخشى عليه قومه أن

يضعف أو يتزعزع فقالوا له : إنا لنخشى أن نؤتى من قبلك فقال : إن أتيتم من قبلي فبئس حامل القرآن أكون ، ثم كر على أعداء الله كرة باسلة حتى أصيب .
فلما رأى خالد أن الوطيس حمى واشتد التفت إلى البراء بن مالك وقال : إليهم يا فتى الأنصار ، فالتفت البراء إلى قومه وقال : يا أهل المدينة لا يفكرن أحد منكم بالرجوع إلى يثرب ، فلا مدينة لكم بعد اليوم ، وإنما هو الله وحده ، ثم الجنة .
ثم حمل على الأعداء وحملوا معه وانبرى يشق الصفوف ، ويعمل السيف في رقاب أعداء الله حتى زلزلت أقدام مسيلمة وأصحابه ، فلجؤوا إلى الحديقة المعروفة بحديقة الموت لكثرة من قتل فيها في ذلك اليوم فأغلق مسيلمة وآلاف معه من جنده الأبواب وتحصنوا بعالي جدرانها وجعلوا يمطرون المسلمين بنبالهم من داخلها فتتساقط عليهم تساقط المطر . عند ذلك تقدم البراء بن مالك وقال : يا قوم ضعوني على ترس وارفعوا الترس على الرماح ثم اقذفوني بالحديقة قريبا من بابها فأما أن أستشهد وإما أن أفتح الباب . وفي زمن يسير جلس البراء على الترس ورفعته الرماح وألقته في حديقة الموت قرب الباب بين الآلاف المؤلفة من جند مسيلمة .
فنزل عليهم نزول الصاعقة فجالدهم أمام باب الحديقة حتى قتل عشرة منهم ، وفتح الباب للمسلمين وبه بضع وثمانون جراحة فتدفق المسلمون على الحديقة من حيطانها وأبوابها واعملوا السيوف في رقاب المرتدين حتى قتلوا منهم قريبا من عشرين ألفا ووصلوا إلى مسيلمة الكذاب فقتلوه .
ثم حملوا البراء بن مالك إلى رحله ليداوى فيه وأقام عليه خالد بن الوليد شهرا يعالجه حتى أذن الله له بالشفاء وظل البراء بعد ذلك يتمنى الشهادة التي فاتته يوم الحديقة حتى فتح تستر من بلاد الفرس في إحدى القلاع الممردة .

فحاصرهم المسلمون وأحاطوا بهم فلما طال الحصار واشتد البلاء على الفرس جعلوا يدلون من فوق أسوار القلعة سلاسل من حديد علقت بها كلاليب من فولاذ حميت بالنار فكانت تنشب في أجساد المسلمين وتعلق بهم فيرفعونهم إليهم إما موتى وإلا على الموت فعلق كلوب منها بأنس بن مالك أخي البراء بن مالك .
فوثب البراء على جدار الحصن وأمسك السلسلة التي مسكت أخاه وجعل يعالج الكلاب ليخرجه من جسد أخيه وأخذت يداه تحترق فلم يبال إلى أن خلص أخاه وهبط إلى الأرض بعد أن صارت يده عظاما ليس عليها لحم ثم دعا البراء ربه أن يرزقه الشهادة فأجاب الله دعاءه واستشهد رضي الله عنه وأرضاه . أ . هـ ، باختصار من صور من حياة الصحابة رضي الله عنهم .


البراء بن مالك الأنصاري أخو أنس بن مالك خادم رسول الله


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع