مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة بدر الكبرى (1)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


25/02/2023 القراءات: 347  


خرج جيش المشركين في عداد وعدة وكان قائده العام أبا جهل بن هشام ،وكان القائمون بتموينه تسعة رجال من أشراف قريش ،فكانوا ينحرون يوما تسعا ويوما عشرا من الإبل

لما أجمع هذا الجيش على المسير ذكرت قريش ماكان بينها وبين بني بكر من العداوة والحرب، فخافوا أن تضربهم هذه القبائل من الخلف ،فيكونوا بين نارين ،وكاد ذلك يثنيهم عن الخروج ،ولكن حينئذ تبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك سيد بني كنانة ،فقال لهم :
أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشئ تكرهونه
فخرجوا بحدهم وحديدهم يحادون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

و علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بوادي زفران أن قريشًا خرجت في عدة الحرب لتمنع عيرها وأن القافلة قد نجت، وأن قريشًا تتحدى المسلمين، وهكذا تغير الموقف بالنسبة للمسلمين ولم تعد المعركة ضد قافلة تجارية قليلة العدد، وإنما أصبحت المهمة الجديدة أمام المسلمين هي مواجهة قوات قريش في معركة فاصلة يتفوق فيها العدو عددًا وعدة

ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه في موقف يحتاج فيه إلى استشارة أصحابه وخاصة الأنصار لأن ما بينه وبينهم من عهود إنما تتعلق فقط بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم داخل المدينة وحمايته بها ، فقد بايعوه في بيعة العقبة الثانية على أن يحموه في بلدهم ،ولم يبايعوه على القتال معه خارج المدينة ، ولم يحدث أن اشتركوا في أي من السرايا السابقة بل اقتصرت السرابا السابقة على المهاجرين ، ولكن نظرا لوجود الأنصار مع المهاجرين ببدر وتفوقهم العددي الكبير فقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة رأيهم في الموقف الجديد

فبدأ النبي صلى الله علبه وسلم يوجه حديثه إلى المسلمين طالبًا رأيهم ومشورتهم، وكان يعني بصفة خاصة الأنصار
فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو رضي الله عنه فقال:يا رسول الله، امض لما أمرك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى{فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد (موضع في أقصى اليمن أو مدينة الحبشة) لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا ودعا له

ولفت نظر الرسول صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء جميعًا من المهاجرين وهو إنما يريد استجلاء موقف الأنصار، فقال مرة أخرى: "أشيروا علي أيها الناس ؟"

ففهمت الأنصار أنه يعنيهم، فنهض سعد بن معاذ رضي الله عنه صاحب رايتهم وقال: يا رسول الله لكأنك تريدنا؟ قال: "أجل"
فقال سعد: قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا علي السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا علي بركة الله

فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال: "سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين ( العير أو النفير ) والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم"
ابن كثير
وهكذا تقررت المعركة وأمر عليه الصلاة والسلام بالارتحال ، وبدأ بتنظيم الجند ،فأعطى اللواء وكان أبيض إلى مصعب بن عمير وأعطى رايتين سوداوين لعلى بن أبي طالب وسعد بن معاذ ،وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة

فلما صاروا على مقربة من بدر بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يجمع معلومات عن قوة العدو وعدده وقواده؛ فأرسل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه رضي الله عنهم إلى ماء بدر يلتمسون الخبر له، فقدموا بعبدين لقريش كانا يمدانهم بالماء فأتوا بهما فسألوهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي

فقالا: نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء، فكره القوم هذا الخبر ورجوا أن يكونا لأبي سفيان ،وكانت لا تزال في نفوس البعض بقايا أمل في الاستيلاء علي القافلة وكره من مواجهة جيش المشركين لأنهم لم يستعدوا للقتال ،فضربوهما ضربًا موجعًا حتى اضطر الغلامان أن يقولا نحن لأبي سفيان فتركوهما

وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتين ثم سلم وقال: "إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا والله أنهما لقريش"
ثم قال للغلامين أخبراني عن قريش، قالا: هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى، بالعدوة القصوى، فقال لهما رسول الله: "كم القوم؟ " قالا: كثير، قال: "ما عدتهم؟"
قالا: لا ندري، قال : "كم ينحرون كل يوم؟"
قالا:يومًا تسعًا ويومًا عشرًا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القوم فيما بين التسعمائة والألف،"
ثم قال لهما:" فمن فيهم من أشراف قريش؟ "
قالا: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري بن هشام وحكيم بن نوفل.... الخ ما ذكراه من كبراء مكة
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال:"هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها"


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة بدر الكبرى (1)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع