مدونة سعد رفعت سرحت


حواريّة الواو في(ربّنا ولك الحمد)و(كلّ عام وأنت بخير(

سعد رفعت سرحت | Saad Rafaat sarhat


01/05/2022 القراءات: 1522  



الكثير منّأ يتناول هاتين العبارتين،مستقصيًأ ما فيهما من أوجه إعرابيّة،غير أنّي لم أقف عند أحدٍ يتناولهما من منظور حواري،على الرّغم من أنّ اللغة حوار،ولا تفهم
في الغالب بمعزل عن طرفي الخطاب،فمثل هذه العبارات واقعة في سياق تحاوريّ،و لذا من الصعب أنْ نبني عليهما دلالة إعرابية بعيدًأ عن مضمونها الحواري.

#أولًا: الواو في (ربّنا ولك الحمد)


لا أدري هل تختلف الواو في (ربّنا ولك الحمد)عن الواو في هذه الآيات:(سمعنا وأطعنا غفرانك، ربنا وإليك المصير) (ربنا واجعلنا......ربنا وتقبل منا)(ربنا وآتنا ما وعدتنا)(ربنا وتقبل دعاء)؟.


لا أظنّ،لأن الواو هي ذاتها عاطفة،وأقصى حدّ نقول إنّها استئنافية،فلْراجعْ معًا صلاتنا!.


الصلاة عبارة عن حوار بين العبد وربّه،وصيغ الصلاة جُمل متصلة ببعضها تترادف و تتعاطف،و المؤسف هو أنّ أهل النحو يتعاملون مع كلّ جملة بمعزل عن أختها،وكأنّ الفاصلَ بين الجمل جدار من الكونكريت،وهاك انظر على مواقع التواصل خلافهم حول هذه الواو:(ربَّنا ولك الحمد)فما رأيت أحدًا منهم يربط هذه العبارة بما سبقها من كلام،بل يتعاملون معها مقتطعة عن مقامها،وكأنّ هذه العبارة واقعة بين جدارين من الكونكريت.


خلاصة الأمر: حين تقول في الركوع :(سبحان ربّي العظيم وبحمده)فيُقال لك :(سمع الله لمن حمِده) هذه القول يَزيد من عزيمتك على الحمد، فتجيب:(ربّنا ولك الحمد) فمجوع ما قلته هو:(سبحان ربّي العظيم ،وبحمده ،و لك الحمد ربّنا) إذن ما إعراب الواو هنا؟. قارنها بقوله(ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء) أ تجد فرقًا؟.


ثمِّ إنّ العرب،باطّراد، تبدأ بالواو عندما تجيب عن سؤال ، فحين تسأل أحدًا شيئًا ما، يجيبك مبتدئًا بالواو،فإذا سألته:(أريد كذا) يجيبك فيقول:(ولك كذا) فهذه الواو تُشعر بالإضافة والاستئناف على كلام سابق أو على سؤال سابق لم يُفصح عنه لأنه معلوم لدى الطرفين.


وعلى هذا قوله صلى الله عليه وسلّم:((ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك :ولك بمثل)).فقول الملك:(ولك بمثل))متعلق بمحذوف تقديره:(لك ذلك ولك مثله)،كذلك الحال في الصلاة حين يقال لك:(سمع الله لمن حمده)تقول:(....ولك الحمدُ)لأنك بهذه الجملة تعطف _أو تستأنف_على قولك(سبحان الله العظيم وبحمده).


هذه الواو،إذن،عاطفة أو استئنافية،ولا تحتمل غير ذلك.




#ثانيًا:الواو في (كلّ عام وأنت بخير)



أظنّ أنّ هذه الواو زيدتْ على عبارة التهنئة لكثرة الاستعمال،

ستقول إنّ" كثرة الاستعمال"علّة حذف وإيجاز وابتلاع الحروف،أمّا الواو هنا فقد زيدَتْ أو أُقْحِمتْ على صيغة التهنئة.


هذه الواو انتقلت من عبارة ردّ التهنئة إلى عبارة التهنئة لكثرة دورانها على اللسان ،أي:لمّا كثرت التهاني في الأعياد بأنْ يقول المهنّئ(كلّ عام أنت بخير)فيردّ المقابل(وأنت بخير)انتقلت هذه الواو من قول الرَّادّ إلى قول المهنّئ،ومع مرور الوقت التحمت بها.


هذه هي حواريّة اللغة،إذ يتضمّن كلّ ملفوظ صوت "الآخر المحاور"وعلى هذا يُضمِنُ المهنّئ صوتَ "الآخر المهنّأ" و يشعره بالسبق،و بذلك تَختصر عبارة التهنئة صوتَ المهنّئ(كل عام أنت بخير) و صوتِ الراد ([و]أنت بخير)في صيغة واحدة(كلّ عام [و]أنت بخير).



ما يهمني علّة زيادة الواو هنا ،ولا يهمني إعرابها،مع أنّ إعرابها ليس صعبًا،فما قيل فيها يُحترم،وليس لي إليها سبيل،على أنّي أردت أنْ أتناولها من زاوية تحاوريّة، فليس بعصيّ حمل الجملة على الحالّ سادّ مسدّ الخبر مثل:(أكلي السويق ملتوتًا)،و (عهدي بك شجاعًا)، فكلمتا (ملتوتًا) و(شجاعًا)حالان سدّا مسدَّ خبري(أكلي و عهدي).


وعلى هذا تكون الواو هنا حاليّة ،وجملة(أنتم بخير)في محل نصب حال سدَّ مسدَّ خبر(كلّ)ومثلُ هذا قول رسول الله(ص):((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد))فقوله:((وهو ساجد))حال سدَّ مسدَّ خبر(أقرب).




الواو في (كلّ عام وأنت بخير) و(ربنا ولك الحمد(


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع