مدونة بكاري مختار


الإسكندر المقدوني و حضارة الإغريق - الجزء الثالث -

د/ بكاري مختار | Dr. BEKKARI mokhtar


17/04/2022 القراءات: 611  


خلف الإسكندر والده، فيليپ الثاني المقدوني، على عرش البلاد سنة 336 ق.م، وانطلق في عام 334 ق.م في حملة على بلاد فارس، فتمكن من دحر الفرس وطردهم خارج آسيا الصغرى، ثم شرع في انتزاع ممتلكاتهم الواحدة تلو الأخرى في سلسلة من الحملات العسكرية التي دامت عشر سنوات.
تمكن الإسكندر خلال تلك الفترة من كسر الجيش الفارسي وتحطيم القوة العسكرية للإمبراطورية الفارسية الأخمينية في عدّة وقعات حاسمة، أبرزها معركتيّ إسوس وگوگميلا. وتمكن الإسكندر في نهاية المطاف من الإطاحة بالشاه الفارسي دارا الثالث، وفتح كامل أراضي إمبراطوريته ..
كان الإسكندر يسعى للوصول إلى «نهاية العالم والبحر الخارجي الكبير»، فأقدم على غزو الهند سنة 326 ق.م في محاولة لاكتشاف الطريق إلى ذاك البحر، لكنه اضطرّ إلى أن يعود أدراجه بناءً على إلحاح قادة الجند وبسبب تمرّد الجيش.
توفي الإسكندر في مدينة بابل سنة 323 ق.م، قبل أن يشرع في مباشرة عدّة حملات عسكرية جديدة خطط لها، وكان أولها فتح شبه الجزيرة العربية. (*3)
----------
وبعد موته احتدم صراع عنيف بين قادته استمر حتى عام
302 ق.م وانجلى عن :
1▪︎ سيطرة القائد سلوقس ( 356 - 280 ق.م) على آسيا الغربية (سورية الشمالية وآسيا الصغرى والرافدين والهضبة الإيرانية)
2▪︎ سيطرة القائد بطليموس ( 367 - 283 ق.م) على مصر وقورينايئة (برقة بليبيا ) وبعض جزر البحر الإيجي إضافة إلى
فلسطين .
3▪︎ سيطرة القائد أنتيغونوس (306 -301 ق.م ) على بلاد اليونان
معركة إيسوس 333 ق.م
جهز الإسكندر جيشا متوسط العدد تراوح ما بين 32 ألفا من المشاة و 500 من الخيالة ؛ ويساعده أسطول مؤلف من 160 سفينة كان أكثرهم من سفن الحلفاء . وسار على رأس
جيشه عام 334 في م والتقى دارا الثالث الفارسي ...
كان جيش دارا يتكون من خليط من مختلف الشعوب والطوائف، وكان يفوق جيش الإسكندر بثلاث مرات ، فضلا عن ذلك كان الفرس يملكون سيادة البحر وكان أسطولهم تحت إمرة بحار يوناني متمرس بدعی ممنون الرودوسي ..
وكان للفرس في البحر المتوسط وبحر إيجة قواعد بحرية ؛ فضلا عن استخدام المال لرشوة عدد من رجال الإسكندر ومنافسية السياسيين ومن هؤلاء ؛ ديموستين ألد أعداء الإسكندر المقدوني.
وقبيل مغادرة البلد زار الإسكندر طروادة للتبرك بضريح اخيل الذي كان يزعم أنه جد من أجداده وأدي الطقوس الدينية الواجبة عليه من أجل تحقيق النصر.. ثم عبر الإسكندر بجيشه مضيق الدردنيل إلى آسيا الصغرى .لقد كانت مغادرة الإسكندر لأوروبا مخاطرة كبيرة وإن كان قد أخضع دول المدن اليونانية لسيطرته ..
وأوائل شهر نوفمبر من عام 333 ق. م التقت جيوش الإسكندر المقدوني بالملك دارا الثالث عند إيسوس في منطقة كيليكيا شمال سورية التي تعرف اليوم بمنطقة أضنة في آسيا الصغرى على خليج الإسكندرونة الواقعة على طريق ممرات جبال الأمانوس والتي تشكل سد حاجزا بين سوريا ومدن الساحل الفينيقي ..
فكانت الخطة التي رسمها الإسكندر تقوم على الاستيلاء على ساحل بلاد الشام وعلى مدينة صور تحديدا فيتخذها قاعدة يبدأ منها حملاته البحرية ولم يكن اختياره أيسوس إلا لأهميتها فلم يكن سهل أيسويس يتسع لقوات الجيوش الفارسية وكان ذلك يتفق مع خطة الإسكندر الحربية في أن يدع دارا يعتقد أن جيش الإسكندر الصغير الذي قدم من أوروبا يفر أمامه إلى سوريا ...
وكان إلى الأقرب والمعقول أن يستفيد الإسكندر من المعلومات التي نقلها إليه الفرس.الذين فروا من جيش دارا وأن يحمل الملك دارا على مواجهته في سهل إيسوس فیكون البحر من أمامه وممرات الجبال الضيقة من ورائه ..
إلا أن الإسكندر لم يجازف بهذه الخطوة إلا بعد أن أمن جانب أسيا الصغرى وأنفق شهورا في إخضاع كيليكيا ثم بادر بالزحف نحو الجنوب لمواجهة قوات دارا ..
وعلى الرغم من النصيحة التي قدمها أحد المقدونيين الخارجين على سلطة الإسكندر والذي كان قد التجأ إلى بلاط الإخمينيين فقد حذر الملك دارا من عدم التورط في قتال
مع الإسكندر في الممرات الجبلية الضيقة ونصحه بأن يترقب نزول الجيش المقدوني في أرض تستطيع فيها جيوش الفرس أن تفوق قوات الإسكندر ...
إلا أن الملك دارا لم يستمع إلى هذه النصيحة فقد نصب خيامه وبدأ بمهاجمة الإسكندر الذي قام باختراق سوريا عن طريق ممرات كيليكيا قبل أن يداهمه الملك وبعد عبور الإسكندر مضيق الدردنيل لم يواجه مقاومة
قوية رغم محاولة الجيش الفارسي الذي خسر 200 ألف مقاتل ولم يخسر الجيش اليوناني غير 115 رجل،
جدير بالذكر أن الأسطول البحري للإسكندر كان ضعيفا بالمقارنة مع الفرس وقد صمم الإسكندر على أن يتجنب أي اشتباك بحري مخالفا بذلك رأي بعض ضباطه الذي أراد أن يربط خططه البرية مع خططه البحرية في حين كان الأسطول الفارسي تحت أمرته كل قادة المرتزقة الإغريق في جيش دارا.
أراد ممنون أن يتراجع وأن يخرب البلاد ويهاجم الجزر اليونانية وثغور بلاد اليونان نفسها.من أجل إشعال ثورة قد تضطر الإسكندر إلى التخلي عما كان يديره من حروب في أسيا الصغرى لكن كان من حسن حظ الإسكندر أن يمضي في حملته على بلاد كيليكيا برا مخترقا بفلاجوانيا وكبادوكيا ولكن الحكام من الفرس الذين كانوا يطمعون في حماية ولاياتهم أجبروا.ممنون على مواجهة الإسكندر على نهر جرانيكوس
لكن كان يدور في ذهن الإسكندر عدم.المجازفة بأي معركة بحرية محفوفة بالمخاطر تعترض طريقه لهذا اكتفي بأن يحاصر ملطيا والتي وقعت تحت سيطرته أخر الأمر وبالرغم من التفاوت العددي بين قوات الطرفين المتحاريين
و أن قوات دارا الثالث كانت منظمة تنظيما متميزا ، إلا أن العبقرية العسكرية للإسكندر.المقدوني استطاعت أن تلحق هزيمة كبيرة بقوات الملك الفارسي الذي فر إلى قلب آسيا، بينما هرب رجال جيشه جميعا باستثناء فرقة المرتزقة من الإغريق ..
فقد ذكر المؤرخ اليوناني دیودارس ومن بعده المؤرخ اليهودي يوسيفوس أن جميع سكان أسيا كانوا موقنين أن الجيش المقدوني لن يجرؤ على مقابلة الجيش الفارسي..


الاسكندر المقدوني، الاغريق


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع