مدونة البيتي العلمية


العولمة والاستعمال الحديث

حسن محمد عبدالله البيتي | Hassan Mohammed Abdullah Albaiti


15/04/2022 القراءات: 1795  


تعد العولمة حديثاً وتغيير نمط الحياة قديماً مظهر من مظاهر الاستعمار لأي دولة أو كيان متقدم يمتد نفوذه إلى الطرف الآخر، سواء كان الاستعمار مباشراً أو غير مباشر، فكرياً أو عسكرياً، وسنضرب مثال متجانسين حول ذلك.
في العصر الإسلامي الذهبي، كان للتطور السياسي والعلمي والثقافي والاقتصادي تأثير على القارة الأوروبية إيجاباً وسلباً، وكانت أوروبا تعيش عصور ظلامية حينذاك، فإيجاباً عند ما كانت مصادر المعرفة هم المسلمون، والمترجم لها هم الغرب، وسلبا عند ما تأثر الشباب الأوربي بتقاليد المسلمين في اللباس وغير ذلك، حتى أن الكنيسة في ذلك العهد تحذر مرار وتكرار من خطورة ذلك التأثير.
انعكس هذا النمط من التأثير، وبحضور الإنترنت والقوة العسكرية والثورة الصناعية التي أعقبت الثورة الفرنسية سنة ١٧٨٩، وذلك من الغرب في القرن العشرين باتجاه الشرق، كما أشار لذلك رونالد روبرتسون في كتابه "العولمة، النظرية الاجتماعية والنظرية الكونية" عند ما تحدث عن مراحل نشأة وتطور العولمة، فكان من مظاهر عولمة هذا العصر أن لغة المعرفة هي اللغة الإنجليزية، التي فرضها الاستعمار البريطاني في امبراطوريته التي كانت لا تغيب عنها الشمس، واستمرت مع الانتصار الأمريكي في الحرب العالمية الثانية، قبل اعتراف الأمم المتحدة باللغات الخمس الأخرى، وسيطرت هذه اللغة إلى يومنا هذا على علوم برمجة الحاسب، هذا المنتج المرتبط بالإنترنت، ليظل الاستعمار الفكري باق إلى يومنا هذا.
كذلك تغير مجتمع الشرق الأوسط ومن في درجتهم من الدول النامية التي شهدت الحضارة الإسلامية من دول مصنعة إلى دول مستوردة، وأصبح يطلق عليها "دول العالم الثالث" كما أشار لذلك روبرتسون في مراحل تطور العولمة.
وأصبح مركز التحكم بالإنترنت عالمياً هي الولايات المتحدة الأمريكية كونها مصدر التأسيس لها، وهذا من أوضح صور الاستعمار، وصار هذا الاستعمار واضحاً للعيان بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، فبات لدينا مظاهر للسيادة الأمريكية حينها بما يعرف بالأمركة والمكدلة والكوكلة.
لكن في ظل العقدين الأخيريين من القرن الحادي والعشرين ومع الصعود الصيني إلى الواجهة كأقوى اقتصاد عالمي، يتربع على عرش مجموعة الدول العشرين اقتصادياً (G20)، عاد معه الاستعمار الاقتصادي بشكل غير مباشر، حيث مارست الصين أنماط حديثة لذلك تجلت في المظاهر الآتية:
طريق الحرير التجاري الحديث المعروف تحت مسمى مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين سنة 2013، والذي سيشمل أكثر من 60 دولة من قارات العالم القديم التي ترابطت تجارياً في تجارة التوابل قديماً، بالإضافة للأمريكيتين، وقد بدت ملامح ذلك بإنشاء خط تجاري بواسطة سكك الحديد التي تربط بين الصين وتركيا، مروراً بالدول التي يمتد فيها خط السكة.
وادي السليكون والذي بلغ فيه عدد الشركات أكثر من 20 ألف في سنة 2009، كما ذكرت ذلك صحيفة الشعب الصينية، وإن كان هذا العدد قديماً إلا أن ذكره وفقاً لزمنه دليل على بداية العولمة الجديدة من جهة الصين.
عدم التدخل السياسي المباشر على خلاف روسيا في القضايا المعروضة على مجلس الأمن أو القضايا الدبلوماسية بشكل عام، كالأزمة السورية واليمنية والأفغانية والكشميرية، وهذا ما جعلها تكسب مجلس حقوق الإنسان بالأغلبية في قضية مسلمي الأيغور التي حاولت الدول الغربية أن تلعب على هذا الوتر الحساس دون جدوى.
إنشاء مشاريع بنى تحتية في دول العالم الثالث، وذلك قبل وبعد انتهاء الاتحاد السوفيتي.
أن الملاحظ للمشهد سيجد أن الصعود الصيني بات جلياً خلال أزمة كوفيد 19 والتي قلبت موازين القوى العالمية لصالحها.
المصادر
التكريتي، هيفاء. (2009). آليات العولمة الاقتصادية وآثارها المستقبلية في الاقتصاد العربي. (ط1، ص64، ص66، ص67). عمان، الأردن: دار الحامد للنشر والتوزيع.
وادي السليكون الصيني يحتضن أكثر من 20 ألف مؤسسة. (2009 يناير 14). صحيفة الشعب الصينية. تم الاسترداد من الرابط: http://arabic.people.com.cn/31659/6573885.html
المنصة الرسمية لمبادرة الحزام والطريق. (2013). تم الاسترداد من الرابط: http://www.xinhuanet.com/


الصين العولمة الاستعمار


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع