مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب). (7)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


29/04/2022 القراءات: 871  


مقترحات:
إفراد نص "رسالة المسترشدين" التي حققها الأستاذ الشيخ عبدالفتاح أبو غدة، في آخر الكتاب.
إفراد "الأحاديث القدسية" التي اختارها الأستاذ الشيخ محمد عوامة وشرَحها، كذلك.
إفراد رسالة "تهذيب النفس بالعلم للعلم" لابن المبرد التي حققها الشيخ الفاضل أديب الكمداني، في آخر الكتاب أيضًا.
وفي هذا عونٌ لمن يريد قراءة هذه المتون بعد أنْ قرأها مشروحة مُعلقًا عليها، وقد يكون هناك مَن يريد حفظَها.
***
العزلة:
أكثر السلفُ من مدح العزلة، وصنَّفوا فيها مصنفات.
وهذا الإمام القرطبي (ت: 671) يقول في كتابه «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» ص (1066):
«وقال منصور بن الفقيه فأحسن:
الخير أجمعُ ‌في ‌السكوتِ... وفي ملازمة البيوتْ
فإذا استوى لك ذا وذا... فاقنعْ له بأقل قوتْ
وكان سفيان الثوري يقول: هذا زمان سوء لا يُؤمن فيه على الخاملين، فكيف بالمشهورين؟!
هذا زمانٌ ينتقل فيه الرجل من قرية إلى قرية يفرُّ بدينه من الفتن.
ويُحكى عنه أنه قال: والله ما أدري أي البلاد أسكن! فقيل له: خراسان؟ فقال: مذاهب مختلفة وآراء فاسدة، فقيل: الشام؟ فقال: يُشار إليكم بالأصابع. أراد الشهرة، فقيل له: العراق؟ قال: بلد الجبابرة، فقيل له: فمكة؟ قال: مكة تذيبُ الكيس والبدن...».
وقوله: "فاقنع له بأقل قوت" ذكَّرني بما جاء في «أنس المسجون وراحة المحزون» ص (207):
«قال الخريمي:
العيشُ لا عيشَ إلاّ ما قنعتَ به... قد يكثر المالُ والإنسانُ مفتقرُ
يا حبّذا لذّة الدّنيا وزهرتُها... لولا السّقامُ ولولا الموتُ والكبَرُ»
***
رأي الشيخ محمد أنور شاه الكشميري في حاشية القاري على تفسير الجلالين:
قال في كلام له في «فيض الباري على صحيح البخاري» (2/ 29):
"... حرَّره شيخ الإِسلام بين السطور، وهو حفيدٌ لمولانا عبدالحق الدِّهلوي رحمه الله تعالى. ‌وله ‌حاشيةٌ ‌على ‌الجلالين تسمَّى بـ «الكمالين»، وهي أحسنُ من حاشية علي القاري: «الجمالين»، وكنتُ أرجُو أن تكون حاشيتُهُ لطيفةً لكونه قارئًا، فلما رأيتُها وجدتُها سطحيةً، أما في باب الأحاديث فقد رأيتُهُ يرتكبُ الأغلاط كثيرًا. أما حاشيةُ ذلك الحفيد فلا ريبَ أنها جيدةُ، حتى أظنه أعلم من جدِّه". انتهى بتصرفٍ يسيرٍ.
***
دعاء الصالحين:
للصالحين دعوات تخرج من قلوبهم فيكون لها تأثير في سامعها والداعي بها، ومن ذلك دعاء للإمام داود الطائي:
جاء في «أخبار أبي حنيفة وأصحابه» ص (123): «قال عبدالعزيز بن أبان القرشي: سمعت داود الطائي يقول: اللهم ‌استرْ ‌عوراتنا، وآمنْ روعاتنا، واكفنا مَنْ سعى علينا، ولا تُشمتْ بنا عدونا، اكفنا كلَّ هولٍ بين أيدينا حتى تبلغنا مِنْ رحمتك ما أنتَ أهلُه. آمين آمين آمين ثلاثًا».
ومنها دعوات للشيخ عبدالقادر الكيلاني:
- "اللهم إنّا نعوذ بوصلِك مِنْ صدِّك.
وقربِك مِنْ طردك.
وبقبولِك مِنْ ردِّك.
فاجعلنا مِنْ أهلِ طاعتك وودِّك.
وأهِّلنا لشكرِك وحمدِك".
وكان ربما خَتَمَ مجلسه بأنْ يقول:
- "جعلنا اللهُ وإياكم ممّن تنبَّه لخلاصه، وتنزَّه عن الدنيا، وتذكَّر يوم حشره، واقتفى آثارَ الصالحين، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه". يُنظر "مرآة الزمان" (21/120-121).
***
خالف نفسك تفلح:
جاء في "أمالي القالي" (2/118)، وغيره:
إذا المرءُ لم يتركْ طعامًا يحبُّه ... ولم ينهَ قلبًا غاويًا حيثُ يمَّما
فلا بد أنْ تُلفى له الدهرَ سبةٌ ... إذا ذُكرتْ أمثالُها تملأ الفما
وجاء في "حلية الأولياء" (7/276): "قال حكيم بن أبجر المكي: سمعتُ ابن عيينة يتمثل:
إذا ما رأيتَ المرءَ يقتادُه الهوى... فقد ثكلته عند ذاك ثواكلُهْ
وقد أشمتَ الأعداءَ جهلًا بنفسه... وقد وَجدتْ فيه مقالًا عواذلُهْ
ولن يَنزعَ النفسَ اللجوجَ عن الهوى... من الناس إلا وافرُ العقل كاملُهْ".
***
هَمْ بمعنى أيضًا:
يستعمل أهلُ العراق في كلامهم كلمة (هَمْ) بمعنى: (أيضًا)، وقد وردتْ هذه اللفظة في "صحيح البخاري"، وقال ابنُ حجر في "الفتح" (3/515) عندها: "نقل الكرماني أنه رأى في بعض النسخ عقب هذه الترجمة [باب التعجيل إلى الموقف] "قال أبو عبدالله -يعني المصنِّف-: يُزاد في هذا الباب هَمْ حديث مالك عن ابن شهاب، ولكني لا أريد أنْ أدخل فيه معادًا" أي مكررًا.
قلتُ: كأنه لم يحضره حينئذ طريقٌ للحديث المذكور عن مالك غير الطريقين اللتين ذكرهما، وهذا يدلُّ على أنه لا يُعيد حديثًا إلا لفائدة إسنادية أو متنية كما قدّمتُه، وأما قوله في هذه الزيادة التي نقلها الكرماني: "هَمْ" فهي بفتح الهاء وسكون الميم. قال الكرماني: قيل: إنها فارسية، وقيل: عربية، ومعناها قريب من معنى أيضًا.
قلتُ: صرَّح غيرُ واحد من علماء العربية ببغداد بأنها لفظةٌ اصطلح عليها أهلُ بغداد، وليست بفارسية، ولا هي عربية قطعًا، وقد دلَّ كلام الصغاني في نسخته التي أتقنها وحرَّرها - وهو من أئمة اللغة - خلو كلام البخاري عن هذه اللفظة".
***
النعماني:
سألنا شيخنا الشيخ محمد عبدالرشيد النعماني (ت: 1420) في المسجد الحرام سنة (1403) عن نسبته (النعماني) فقال: "إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان".
وفي التاريخ عالمٌ حنفيٌّ يُنسب هذه النسبة أيضًا، وهو العلامة الفقيه المفسر أبو علي الحسن بن الخطير (النعماني) الفارسي (ت: 598).
نقل تلميذُه الشريف محمد الإدريسي عنه أنه قال:
"أنا من ولد النعمان بن المنذر.
ووُلدت بقريةٍ تُعرف بالنعمانية.
وانتحلت مذهب النعمان أبي حنيفة -رحمه الله- وانتصرت له فيما وافق اجتهادي".
والنعمانية قرية بين بغداد وواسط.
***
الله أهلُ المغفرة:
قال الشاعر ابن الكيزاني المصري (ت:560):
عفوَك يا ربِّ عنْ مسيءٍ ... عصاك دهرًا وقد أتاكا
يرجوك يا غافرَ الخطايا ... وأنتَ أهلٌ لما رجاكا
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع