الإنصاف العلمي بين التزام المبدأ ومزاحمة الشخصنة
د. نكتل يوسف محسن | Dr. Naktal yousif mohsen
05/03/2025 القراءات: 8
يُعَدُّ الإنصاف العلمي إحدى القيم الأساسية التي يجب أن تسود المجتمع العلمي لما له من دور في تعزيز النزاهة والمصداقية بين الأفراد. يُلزم الإنصاف العلمي الإنسان، وخاصة المتعلم، بالاعتراف بالحقائق والإنجازات دون تحيّز أو اعتبارات شخصية. ومع ذلك، فإن هذه القيمة السامية ليست متاحة لدى الجميع، بل إن تطبيقها يتفاوت بين الأفراد والمؤسسات.
في المجتمعات العلمية، يُتوقَّع من الأساتذة وقادة الفكر أن يكونوا نموذجًا للإنصاف، خاصةً أنهم يُشكّلون قدوة للأجيال الصاعدة. لكن الواقع في بعض الأحيان يُظهر عكس ذلك، حيث يتأثر التقييم العلمي أحيانًا بالمصالح الشخصية أو المجاملات. من المؤسف أن يمتدح الأستاذ طالبًا لا لتميزه أو تفوقه، بل لتحقيق منفعة شخصية أو مجاملة اجتماعية، بينما يتم تجاهل طالب آخر التزم بالتوجيهات وسعى جاهدًا لتحقيق الأفضل.
هذا الخلل في الإنصاف قد يُنتج بيئة غير صحية في المؤسسات التعليمية، حيث يُشعر الطلاب بالظلم والإحباط، مما قد يؤثر سلبًا على رغبتهم في الاجتهاد والإبداع. الشخصنة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، تمثل تحديًا كبيرًا يتطلب مواجهة صريحة. والأدهى من ذلك، أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الأساتذة الصغار أو قليلي الخبرة، بل قد تمتد إلى أساتذة كبار في السن والمكانة العلمية، مما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا.
الإنصاف العلمي لا يقتصر على مجرد تقييم الأعمال بحيادية، بل يتطلب أيضًا بناء بيئة تدعم العدالة والمساواة. لتحقيق ذلك، يجب تعزيز قيم الموضوعية وتفعيل آليات مراقبة التقييمات الأكاديمية. كما يجب أن يُشجع النقاش المفتوح والنقد البنّاء بين الأساتذة والطلاب، مما يضمن توجيه الجهود نحو تطوير العلم والمعرفة.
في الختام، الإنصاف العلمي ليس مجرد قيمة أخلاقية فحسب، بل هو أساس بناء مجتمع علمي متماسك ومبدع. إن غياب هذه القيمة يهدد بانحدار المجتمع العلمي نحو التحيز والمصالح الشخصية. لذا، يتحتم على المؤسسات التعليمية تعزيز الوعي بهذه القيمة والعمل على تدريب الأساتذة والطلاب على ممارستها كجزء أساسي من أخلاقياتهم العلمية.
الإنصاف العلمي، الشخصنة، المهنية، التقييم، الباحث
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف