مدونة خالد حمادي


الدعاية الرقمية الناعمة الديبلوماسية الجديدة لجماهير الميديا...أي نمذجة للخطاب الإعلامي؟

خالد حمادي | Khaled Hammadi


23/03/2022 القراءات: 2343  


يمكن القول اليوم وفي ظل هذا الزخم المعلوماتي الكبير والتنوع الإيديولوجي البشري والتطور التكنولوجي المتسارع والمتزايد بشكل رهيب أن البيئة الرقمية أصبحت الأرض الخصبة لنمو وتطور مختلف الاساليب الدعائية عبر الوسائط الإعلامية الجديدة ومواقع التواصل الإجتماعي .
هذه البيئة الرقمية الافتراضية ساهمت بدرجة كبيرة في أثراء السوق العالمية الالكترونية بأدوات ومنصات وأساليب مستحدثة وأيقونات دعائية في صبغة وسلعة نموذجية المحتوى والمضمون والشكل لمستخدميها وجمهورها الذي ما إن تقبل أسلوب جديد وجد نمط إعلامي دعائي إغرائي أخر مغاير تماما عن الاساليب الاخرى ،هذا الثراء الرقمي أنتج تنافسية فكرية وإبداعية إنتاجية ممزوجة بتجاذبات تكنولوجية هائلة وكم من المعلومات والبيانات الضخمة المخزنة عبر هذا الفضاء السيبراني والتي تتيح لكل عنصر فاعل في هذه القرية الكونية الصغيرة والكبيرة التشبيك والتواصل المعزز بذكاء اصطناعي مهندس للعقول البشرية أن ينتج ويبدع ويرسم بمهاراته وأساليبه الدعائية نموذج متكامل لما يبحث عنه جمهوره الفعلي والمفترض وذلك من أجل فرض نفسه في هذا العالم الرقمي المتزاحم والمترابط بوسيلة أو أخرى مهما كان الغرض والهدف الذي يبحث عنه سواء سياسي او إجتماعي أو إقتصادي أو إيديولوجي فكري عقائدي أو دخول عالم الشهرة الافتراضي والتسابق الاجتماعي التفاعلي كل هذا من أجل إنتاج بيئة مغايرة عن بيئته الواقعية الفعلية .
الخطاب الاعلامي الموجه اليوم وفي هذا الفضاء الافتراضي التفاعلي أصبح أكثر تنوعا وثراء ومشاركة ومراهنة من حيث القبول أو الرفض أو التصورالدلالي لمكنوناته و قراءته ذات الأبعاد المتنوعة ولكن تبقى الأغراض والأهداف الغائية من هذا التواصل الاعلامي تحدث صراعا فكريا ونمطيا نظرا لاختلاف التوجهات وتعدد المعطيات والاتجاهات في موضوع ما وأيضا وجود وسائط إعلامية لكل سياستها العامة وخصائصها المتنوعة والثرية في سبيل إتاحة أقصى إمكانية للتفاعل الاجتماعي وخلق صراع إفتراضي متنوع ومحتوى ممزوج بما يتماشى مع نوايا وتوجهات مالك وصانع هذا الخطاب الاعلامي.
لقد أصبحت هذه البيئة الرقمية لعبة في يد من يملك سلطة القرار واتخاذ الراي العام منصة يبحث من خلالها عن تطلعاته و أماله المستقبلية بغرض كسب التأييد والقبول المجتمعي وإيجاد مكانة له وسط هذا العالم الافتراضي المتعدد البناءات والتشابك الوسائطي الاعلامي المتجدد والمستحدث في كل جوانبه وقضاياه من ساعة لاخرى ومن وسيلة إعلامية لاخرى ايضا.
كماأن هذا الخطاب الاعلامي في هذه البيئة الرقمية ولد أطراف متصارعة ومتنازعة في مختلف المواضيع المطروحة وأصبح كل من يتفاعل عبر هذه الوسائل الاعلامية يسلط الضوء على مايريد وفق خططه ورؤيته لهذه القضايا ومن زاويته هو فقط دون النظر إلى الطرف الاخر وبالتالي خلق نمذجة جديدة وأفكار تبقى في صميم النقاش التفاعلي الافتراضي والتداول الواقعي على أنها تتحقق في بيئة ولا تصلح لبيئة أخرى.
إن صياغ الخطاب الإعلامي اليوم يأتي ليكون جسر تواصل بين مختلف الجماهير، وما وصل إليه التطور التكنولوجي الرقمي حاليا هو بحد ذاته إشكالية لإنتاج عالم متزاحم ومترابط معلوماتيا وتقنيا ،فسلاح هذا العصر ليس الأداة القاتلة بمقدار هو العقل الواعي ،فالاتجاه إلى العقل يكون قبل الاتجاه إلى الرصاصة وبالتالي فإن هذا الخطاب يحتاج إلى وجود تقنية دقيقة واداة للتخطيط الصحيح في مقابل وجود عنصر بشري متنوع ومتعدد المفاهيم والافكار ومستقطب لهذه الخطابات في قالب شخصيته الفاعلة وموازن بين بيئته الافتراضية وصياغه الواقعي لخلق منطق جديد ورؤية جديدة لما يبحث عنه وأهدافه الحاضرة والمستقبلية .
إن الحديث عن التقنية الرقمية بالذات هو جوهر الدعائية الإعلامية والهدف الذي تنطلق منه وتبحث عنه مختلف الأقطاب البشرية في بناء أفكارها وسلعتها التسويقية فبدون وجود أدوات مساعدة وتقنيات رقمية متنوعة لا يمكننا الجزم بنجاح التأثير والاقناع والسيطرة في هذا الجمهور الذي هو عبارة عن كتلة من التشابك في الاهداف والرغبات والتطلعات وإيجاد المنتج الذي يلبى احتياجاته المتعددة والمتجددة دوما نظرا لوجود وسائط وتقنيات كل لها خصائصها وأسلوبها في الترويج والاعلان والدعاية لسلعتها الأيديولوجية والنفسية والخطابات الابداعية في قالب يحقق السيطرة وربط الجمهور من كل الجوانب حتى لا يصبح في أداة تقنية أخرى منافسة .
من المهم أيضا الحديث على ان هذا الفضاء الرقمي ساهم في إنتاج وسائل تقنية عديدة أصبحت تتسابق وتتنافس في إيجاد أفضل طريقة تمكنها من السيطرة على هذ الفرد الرقمي بشتى الطرق سواء خفية أو ظاهرة ومحاولة صهره وادماجه في عالم هذه الوسائط المتنوعة وإيجاد أسهل طريق لربطه بواقعه وإتاحة فرصة المشاركة والتفاعل ضمن العالم الرقمي وبالتالي يصبح هو التقنية لجذب اهتمام أفراد اخرين ضمن نطاقه وحدوده المجتمعي والاداتي والابداعي وحتى خارج توقعاته المستقبلية.
إن معادلة السيطرة والتأثير والاقناع في البيئة الرقمية اليوم تحتاج أساسا إلى وجود قاعدة ينطلق منها أي عمل إعلامي أو خطاب دعائي مهما كان توجهه وغاياته وهذه القاعدة تتمثل في إيجاد أنسب وسيلة وتقنية تساهم في صنع الآراء وتسويق المنتج وإيصاله بالطريقة التي تتماشى مع توقعات جمهورها وبالتالي تحقيق السيطرة الاعلامية من جهة والانتاج الفعلي من جهة أخرى ومنه تبرز طموحات جديدة ومنطلقات نظرية اخرى تعزز الصراع الرقمي وتنميه من أجل الاستمرار والحداثة مع متطلبات كل زمان ومكان.
ويبقى الوعي الفردي والمجتمعي هو الاساس الأول في مواجهة خطاب الدعائي في مقابل شفافية أصحاب اتخاذ القرار في المؤسسات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي الكبرى لا نه لا يمكننا الحكم على اسلوب دعائي بعينه ما دمنا نتعامل مع عالم رقمي ضخم جدا وتنوع معلوماتي لكل منا مصالحه وأغراضه وأسلوبه في الخطاب والدعاية.


الدعاية الرقمية، القوة الناعمة، الديبلوماسية، الميديا الجديدة، الخطاب الإعلامي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع