مدونة بكاري مختار


عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه

د/ بكاري مختار | Dr. BEKKARI mokhtar


26/05/2022 القراءات: 591  



مُؤَسِّس الدولة العثمانية وأوَّل سلاطينها وإليه تُنسب؛ فلقد تعاقب على إمارة السلطنة العثمانية قبل أن تُعلن نفسها خلافة إسلامية سلاطين أقوياء، ويُعتبر عثمان بن أرطغرل هو مُؤَسِّس الدولة وبانيها، وكانت وصاياه لابنه دستورًا سار عليه سلاطين الدولة العثمانية بعده.
نشأة عثمان بن أرطغرل
وُلِدَ عثمان بن أرطغرل سنة (656هـ= 1258م)، وشهدت سنةُ مولده غزو المغول قيادة هولاكو لبغداد وسقوط الخلافة العباسية.
لقد كان الخطب عظيمًا والحدث جللاً، والأُمَّة ضعفت ووهنت بسبب ذنوبها ومعاصيها؛ ولذلك سَلَّط الله عز وجل المغول عليها، فهتكوا الأعراض، وسفكوا الد.ما.ء، وقتلوا الأنفس، ونهبوا الأموال، وخَرَّبُوا الديار، في تلك الظروف الصعبة والوهن المستشري في مفاصل الأُمَّة وُلِدَ عثمان مُؤَسِّس الدولة العثمانية، وهنا معنى لطيف ألَا وهو بداية الأُمَّة في التمكين هي أقصى نقطة من الضعف والانحطاط، تلك هي بداية الصعود نحو العزَّة والنصر والتمكين، إنها حكمة الله سبحانه وتعالى وإرادته ومشيئته النافذة، ولا شكَّ أن الله تعالى قادر على أن يُمكِّن لعباده المستضعفين في عشية أو ضحاها؛ بل في طرفة عين، قال تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [النحل: 40].
فلا يستعجل أهل الحقِّ موعود الله –عز وجل- لهم بالنصر والتمكين، فلا بُدَّ من مراعاة السُّنَنِ الشرعية والسُّنَنِ الكونية، ولا بُدَّ من الصبر على دين الله عز وجل: {وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: 4]. والله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئًا هيَّأ له أسبابه، وأتى به شيئًا فشيئًا بالتدرُّج لا دفعة واحدة؛ وبدأت قصَّة التمكين للدولة العثمانية مع ظهور القائد عثمان بن أرطغرل؛ الذي وُلِدَ في عام سقوط الخلافة العباسية في بغداد.
أعمال عثمان بن أرطغرل
لقد بدأ عثمان بن أرطغرل يُوَسِّع إمارته؛ فتمكَّن من أن يضمَّ إليه عام (688هـ= 1289م) قلعة قره حصار (القلعة السوداء)، أو أفيون قرة حصار؛ فسُرَّ الملك علاء الدين سلطان السلاجقة بهذا كثيرًا، فمنحه لقب (بك)، والأراضي التي يضُمُّها إليه كافَّة، وسمح له بضرب العملة، وأن يُذكر اسمه في خطبة الجمعة.
وفي عام (699هـ= 1300م) أغار المغول على إمارة علاء الدين، ففرَّ من وجههم، والتجأ إلى إمبراطور بيزنطة، وتُوُفِّيَ هناك في العام نفسه، وإن قيل: إنَّ المغول قد تمكَّنُوا من قتله، وتولية ابنه غياث الدين مكانه. ثم إن المغول قد قتلوا غياث الدين، ففسح المجال لعثمان؛ إذ لم تَعُدْ هناك سلطة أعلى منه تُوَجِّهُه أو يرجع إليها في المهمَّات؛ فبدأ يتوسَّع، وإن عجز عن فتح أزميد (أزميت)، وأزنيق (نيقية) رغم محاصرتهما، واتخذ مدينة (يني شهر) -أي المدينة الجديدة- قاعدة له، ولقَّب نفسه باديشاه آل عثمان، واتخذ راية له وهي علم تركيا اليوم، ودعا أمراء الروم في آسيا الصغرى إلى الإسلام، فإن أَبَوْا فعليهم أن يدفعوا الجزية، فإن رفضوا فالحرب هي التي تحكم بينه وبينهم، فخشوا على أملاكهم منه، فاستعانوا بالمغول عليه، وطلبوا منهم أن يُنجدوهم منه، غير أن عثمان قد جهَّز جيشًا بإمرة ابنه أورخان، الذي قارب الثلاثين من العمر، وسيَّره إلى قتال المغول فشتَّت شملهم.
ثم عاد واتَّجه إلى مدينة (بورصة)؛ فاستطاع أن يدخلها عام (717هـ= 1317م)، وتُعَدُّ بورصة من الحصون الرومية المهمَّة في آسيا الصغرى، فأمَّن أهلها، وأحسن إليهم، فدفعوا له ثلاثين ألفًا من عملتهم الذهبية، وأسلم حاكمها أفرينوس، فمنحه عثمان لقب (بك)، وأصبح من القادة العثمانيين البارزين.


عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع