أ.د. برزان مُيَّسر حامد الحميد


موسى بن أبي الغسّان فارس غرناطة

أ.د. برزان مُيَّسر حــــــــامد الحميــــــــــــد | prof dr. barzan moyasir hamid alhameed


20/05/2021 القراءات: 1519  


موسى بن أبي الغسّان فارس غرناطة الذي رفض تسليم غرناطة إلى الأسبان، وقاوم حتى النهاية
تجاهلته المصادر التاريخية العربية بشكل عام، إلا أنّ حضوره في الرواية النصرانية كان طاغياً كنموذج للفارس المسلم البارع النبيل الذي يمثل البقية الباقية من روح الفروسية المسلمة في الأندلس . ورد ذكره في رواية ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور .
وقد اهتم به المؤرخون الإسبان وتتبعوا أخباره واحتل في كتاباتهم مكانة متميزة ومساحة واسعة، ورغم الشك الذي أبداه بعض المؤرخين المعاصرين في الرواية النصرانية عن موسى بن أبي الغسان، إلا أنها تقدم صورة باهرة لدفاع المسلمين عن دينهم وآخر حواضرهم في الأندلس
وفيما يبدو من الأخبار القليلة جداً والمستقاة أساساً من المصادر المسيحية أن موسى بن أبي الغسان لم يكن فارس فرسان غرناطة فقط، وإنما كان أيضاً رئيساً لعشيرته. وهذا يفسر لنا، وجوده في بهو الحمراء ضمن أكابر الجماعة وأهل الحل والعقد وأبناء البيوتات، في غرناطة، الذين كانوا يساهمون مع الملك في إدارة شئون البلاد، وينوبون عنه في الاتصال بأهاليها، ويطلعونه على ما يستجد من أخبارهم، والذين كان يستشيرهم أيضا قبل أن يتخذ القرارات المصيرية، ويرجع إلى رأيهم في المهمات والملمات، ولا سيما في ذلك الوقت الأغبر الذي كانت فيه غرناطة على كف عفريت وعلى شفا جرف هار . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عقله وثبوت فطنته وأصالة رأيه، فضلاً عن دلالته على سمو رتبته وارتفاع مكانته الاجتماعية والسياسية
بيدّ أن الأهم من كل ذلك هو أن وجوده قريباً، من بلاط الملك أبي عبد الله الصغير، قد أتاح له المشاركة في صنع الأحداث والتأثير فيها إيجاباً، ومعرفة ما يدور وراء الكواليس أولاً بأول، ومن ثم التصدي بجسارة للدعاوى الاستسلامية ومعارضة الحلول الانهزامية، وتفنيد المبادرات المشبوهة وتعديلها في وقته إلى جانب أن وجوده كان ضرورياً بالنسبة لأصحاب الأمر والخاصة .
كان قلب موسى يدمى وهو يشهد تسليم غرناطة المسلمة إلى ملوك النصارى، وكان أكثر ما يؤلمه ذلك التخاذل والضعف لدى الخاصة والعامة، ويحس بالعجز إزاء الأحداث الرهيبة المتلاحقة، وحين اجتمع الزعماء والقادة ليوقعوا وثيقة التسليم في بهو الحمراء لم يملك الكثيرون منهم أنفسهم من البكاء والعويل، فصاح موسى فيهم قائلاً: ((اتركوا العويل للنساء والأطفال، فنحن لنا قلوب لم تخلق لإرسال الدمع ولكن لتقطر الدماء، وحاشا لله أن يقال إن أشراف غرناطة خافوا أن يموتوا دفاعا عنها)) . .
وضاعت كلمات الفارس في الفضاء مرة أخرى، ولم يجاوبه إلا الصمت والحزن، وبدأ التوقيع على وثيقة التسليم، فراح صوته يرتفع في غضب مدوياً .
(( إن الموت أقل ما نخشى، فأمامنا نهب مدننا وتدميرها وتدنيس مساجدنا وأمامنا الجور الفاحش والسياط والأغلال والأنطاع والمحارق، وهذا ما سوف تراه تلك النفوس الوضيعة التي تخشى الآن الموت الشريف، أما أنا فوالله لن أراه)) . ثم غادر المجلس يائساً حزيناً وذهب إلى بيته فلبس لباس الحرب وامتطى صهوة جواده، واخترق شوارع غرناطة ولم يره أحد بعد ذلك .


موسى، الغسّان، فارس ، غرناطة ، تسليم ، النهاية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


فارس الموصل جرى مداد قلمه ليكتب عن فارس غرناطة، نعم الكاتب ونعم المكتوب عنه