كيف يكون الأمل والتفاؤل سمة المؤمنين؟
د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer
11/12/2023 القراءات: 697
كيف يكون الأمل والتفاؤل سمة المؤمنين؟
يعيش الإنسان في هذه الحياة وتتراوح أيامه بين عسر ويسر وبين شدة ورخاء، تارة يكون مرتاحًا هادئ البال مطمئنًا، وتارة تمر عليه أيام وليالٍ عسيرة تجعله متوترًا هائمًا في غياهب الحزن والأسى، وما ذلك إلا لأن علة وجود الإنسان في الحياة هي الابتلاء لا السعادة والرخاء، ولكن الله تعالى لم يترك عباده هكذا دون حل يساعدهم في تخطي هذه الابتلاءات والأيام العسيرة والظروف القاسية التي يكابدونها، فكان الحل باليقين والصبر والإيمان، وما تؤدي إليه هذه الأمور من أمل وتفاؤل بما هو قادم، ويقين بأن كل ما يحصل فيه خير.
كثيرًا ما يكون الخير كامنًا في الشر لكن الإنسان لا يعلم، ولذلك كل ما يمكنه فعله هو أن يتحلى بالصبر والإيمان واليقين بأن كل ما يحصل فيه خير ومسرة وإن لم تكن ظاهرة للعين، وهذا يجلب التفاؤل والأمل بالحياة، فإن الأمل والتفاؤل في حياة الإنسان المؤمن يكون من خلال توقع الأفضل دائمًا وإحسان الظن بالله تعالى، لأن الله عند ظن العبد به، ويكون التفاؤل من سمات المؤمن إذا ما تعامل مع كل الأمور بإيجابية وموضوعية ونظرة متفائلة آملة بأن الخير قادم لا محالة، وكثيرًا ما يُقال: تفاءلوا بالخير تجدوه، وذلك لأن النفس الباطنة قادرة على توجيه التفكير إما في طريق الأمل التفاؤل أو اليأس والتشاؤم.
أعظم ما في تفاؤل المؤمن أنه دائمًا ما يحتسب أمره عند الله تعالى، فإذا أصابه أمر جيد وفيه خير فرح واستبشر وشكر ربه على ما أنعم عليه وفضّله على غيره، وإذا حلت به نازلة أو وقع في مصيبة أو تعسرت بعض أموره لم ييأس ولم يقنط من رحمة الله، إنما يصبر ويحتسب أمره عند الله، وهو يؤمن يقينًا أن ما أصابه فيه خير له في دينه ودنياه وآخرته، وهذا السلوك هو الذي يعزز سمة الأمل والتفاؤل لدى الإنسان المؤمن.
كيف نعزز نمط حياة إيجابي بالأمل والتفاؤل؟
إن الإنسان هو المسؤول عن حياته وكيفية قضاء أيامها وليالها، فإما أن تكون ليالٍ يملؤها التعب والهم والأسى والتفكير المرهق الخائف من الغد، أو أن تكون حياة بسيطة راضية قانعة متفائلة بالمستقبل الأفضل، وهذا له أثر كبير على الإنسان وعلى المحيطين به أيضًا من النواحي النفسية والجسدية والفكريّة والعمليّة، فالأمل والتفاؤل هما اللذان يجعلان نمط الحياة إيجابيًّا حالمًا، ويجعلان صاحبه في قوة وحماس وهمة لا تفتر، وعزيمة كالسيل لا تنضب، يسعى دائمًا للأفضل وللتطور والتغير ومواكبة كل ما هو جديد، لكن هذا النمط ورسمه لا يأتي دون عمل وتفكير وتخطيط.
إنّ زراعة الأمل والتفاؤل في النفس البشرية يقع عاتقه على الإنسان نفسه أولًا، فإذا ما جاهد نفسه وابتعد عن كل تفكير سلبي، وصار يرى النصف المملوء من الكأس فإن هذا لا محالة سيساعد في رسم حياة إيجابية متفائلة، ثم يأتي دور الأثر الإيجابي في الآخرين، فكما أن المتشائم يعطي من حوله طاقة سلبية وجوًّا كئيبًا حزينًا، فإن المتفائل أيضًا قادر على نشر الطاقة الإيجابية، وتعزيز روح التفاؤل والسعادة في نفوس المحيطين به، وذلك من خلال أوجه عدة وطرق مختلفة يمكن اتباعها حسب البيئة والجو الاجتماعي.
إنّ التذكير بالنعم التي يعيشها الناس ويتمتعون بها يزيد من تركيزهم على ما ينعمون به من خير، ويقلص دائرة الشر والتعب والحزن، إضافة إلى الكلمات المفرحة والإيجابية والتي تساعد في تسليط الضوء على كل ما هو مفرح وفيه أمل وخير للمستقبل يؤدي إلى رسم حياة اجتماعية إيجابية ومتفائلة، ولا يمكن إنكار أثر الكلمة في تغيير الكثير من الأفكار والقناعات إذا ما اختيرت في موضعها المناسب ووقتها المناسب وقيلت للشخص المناسب، وهنا تأتي الحكمة والوعي الاجتماعي والتواصلي مع المجتمع المحيط.
مساندة المتعب والبائس أمر ضروري في الحياة الاجتماعية، إذ لا يمكن تركه وحيدًا حتى ينسى همه، بل من المهم بمكان الوقوف إلى جانبه، ومحاولة محادثته بما يفرحه وينسيه تعبه وهمه ويريه الجانب المضيء من الحياة، فيسلو عن كآبته، ويدرك حقيقة الحياة وأن فيها الأبيض وفيها الأسود، ولن تظهر قيمة أحدهما دون وجود الآخر.
امل- تفاؤل
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع