مدونة الدكتور محمد محمود كالو


أحداث عطلت الحج (1) أ. د. محمد محمود كالو

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


28/06/2022 القراءات: 405  


أحداث عطلت الحج (1)

يعتبر الحج موسم عالمي للطاعة يشترك فيه كل أفراد الجنس البشري على اختلاف أعراقهم وأجناسهم وألوانهم ولغاتهم ، يتوافدون جميعاً ملبين نداء ربهم من كل حدب وصوب لأداء هذا الفرض والركن الخامس في الإسلام، وفرض الحج في السنة التاسعة للهجرة، قال الله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:27].
وقد ذكرت كتب التاريخ أحداثاً تسببت في توقف موسم الحج ما يقارب أربعين مرة، وذلك لأسباب عديدة أكثرها أسباب سياسية، أو بسبب انتشار الأوبئة، أو الظروف المناخية، أو بسبب غلاء الأسعار، أوالخوف من قطاع الطرق وغير ذلك من كروب الدروب، من أهم هذه الأحداث:
-ففي سنة 72 هجرية: وقع بين الأمويين والزبيريين صراع لم يستطع أهل مكة أن يحجوا، قال الطبري رحمه الله تعالى: "وحج الحجاج بالناس في هذه السنة، وابن الزبير محصور، وكان قدوم طارق مكة لهلال ذي الحجة، ولم يطف بالبيت، ولم يصل إليه وهو محرم، وكان يلبس السلاح، ولا يقرب النساء ولا الطيب إلى أن قتل عبد الله بن الزبير ونحر ابن الزبير بدنا بمكة يوم النحر، ولم يحج ذلك العام ولا أصحابه لأنهم لم يقفوا بعرفة". [تاريخ الطبري، دار التراث، بيروت، الطبعة الثانية، 1387هـ: 6/175].
-وفي سنة 145 هجرية: حين ثار النفس الزكية في الحجاز والبصرة، فما كان من والي مصر العباسي يزيد بن حاتم المهلبي الأَزْدي إلا أن منع الناس من الحج، قال يوسف بن تغري: "وكان يزيد منع الناس من الحج في سنة خمس وأربعين ومائة، فلم يحجّ فى تلك السنة أحد من مصر ولا من الشام لما كان بالحجاز من الاضطراب من أمر بني الحسن" [النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، لابن تغري بردي، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر: 2/3].
-وقد توقف الحج بسبب سُلَيْمَان بن أبي سَعِيد الحَسَن بن بهرام الجنابيّ القَرْمَطيّ سنة 317 هـ، لاعتباره الحج من الأعمال الجاهلية، وذلك بحسب ما ذكره الذهبي: "فقتل الحجيج في المسجد الحرام قتلاً ذريعاً وفي فجاج مكة وفي داخل البيت، وقتل ابن محارب أمير مكة، وعرى البيت، وقلع بابه، واقتلع الحجر الأسود فأخذه. وطرح القتلى في بئر زمزم، ورجع إلى بلاد هجر ومعه الحجر الأسود. وامتلأت فجاج مكة بالقَتْلى... واستقبل النّاس وهو يَقُولُ:
أَنَا بالله وباللَّه أَنَا ... يخلق الخلق وأفنيهم أَنَا
وقتل في سكك مكّة وشعابها زهاء ثلاثين ألفًا، وسبى من النّساء والصّبيان مثل ذَلِكَ. وأقام بمكة ستّة أيام، وأوقع بهم في سابع ذي الحجّة. ولم يقف أحدٌ تِلْكَ السنة وقفة، فرماه اللَّه في جسده وطال عذابه حتّى تقطعت أوصاله.". [تاريخ الإسلام للذهبي، تحقيق: بشار عوّاد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2003م:7/217].
وبقي الحجر الأسود عندهم اثنتان وعشرين سنة.


الحج، موسم الحج، انتشار الأوبئة، أحداث، الركن الخامس


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع