مدونة منعم المنفي


مشروع سوبر الصحراء والتنمية المستدامة

منعم المنفي | Monaem Elmnifi


06/11/2020 القراءات: 1444  


مشروع #سوبر الصحراء والتنمية المستدامة.

يبدو أن خطة تزويد أوروبا بالطاقة من محطات الطاقة الشمسية في الصحراء قد توقفت، ولكن لا تزال العديد من المشاريع الشمسية الكبيرة في شمال أفريقيا تمضي قدما رغم المخاوف المحلية. هل يمكن للطاقة الشمسية من الصحراء أن تلعب الآن دورا في مستقبل ديمقراطي ومستدام؟
مشاريع مستدامة لربط اوربا مع شمال افريقيا والشرق االاوسط والبداية بمشروع دزيرتك.#توضح الصور التصور المتوقع لامكان #توليد الطاقة وألية #الربط بين الدول.

هذه الكمية من الطاقة الشمسية في الصحراء يمكنها أن تزود العالم كله بالطاقة!

هل يمكن أن يكون هذا الإدعاء صحيحا؟ إنه يقوم على بيانات أطروحة بحثية كتبتها نادين ماي في عام 2005 لجامعة براونشفايغ التقنية في ألمانيا.

حيث يبين البحث هناك مساحة تبلغ تقريبا 3.49 مليون كيلومتر مربع لتركيز محطات طاقة شمسية(CSP) في دول شمال أفريقيا: المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر. وتقول ماي بأن مساحة 254 كم × 254 كم (أكبر مربع في الصورة) ستكون كافية لتلبية الطلب على الكهرباء الكلي في العالم. ويمكن أن تنتج كمية الكهرباء التي تحتاجها دول الاتحاد الاوروبي الخمس وعشرون على مساحة 110 كم × 110 كم (على افتراض أن مجمّعات الطاقة الشمسية يمكنها التقاط 100٪ من الطاقة). وهناك تقدير أكثر واقعية وضعته مبادرة مولد فن الأرض (Land Art Generator Initiative)، يفترض معدل التقاط 20٪ ومساحة أكبر بحوالي ثماني مرات من تلك الواردة في دراسة ماي من أجل تلبية احتياجات العالم من الطاقة. ومع ذلك، فإن الخريطة أدناه هي مثال جيد لإمكانيات الطاقة الشمسية وكيف أن مساحة صغيرة بإمكانها تزويد جميع أنحاء العالم بالطاقة.

ما هي ديزيرتيك؟

الهدف من ديزيرتيك هو أن يكون شبكة واسعة من محطات الطاقة الشمسية في الصحراء الكبرى. على عكس الألواح الشمسية اللامركزية على أسطح المنازل التي تزود كل منزل على حدةٍ بالطاقة الشمسية، فإن ديزيرتيك هو مشروع ذو نطاق أوسع بكثير. التصور الخاص به هو محطات طاقة شمسية ضخمة تمتد على مساحة شاسعة من الأراضي. وتستخدم الطاقة الشمسية المركزة (CSP) الآلاف من المرايا لتركيز مساحة كبيرة من أشعة الشمس على محرّك بخاري. شبكات كابلات نقل ستتجه شمالا لتزويد مدن وبلدان كاملة بالطاقة. وستستخدم ملايين الغالونات من المياه لغسل غبار الصحراء عن اللوحات والمرايا.
بدفع من كل من مؤسسة ديزيرتيك ومبادرة ديزيرتيك الصناعية (Dii) – وهما كيانين مختلفين ولكنهما مرتبطين – نمت الخطط وتقلصت في السنوات الأخيرة. روّجت المبادرة الصناعية رؤية بقيمة 400 مليار يورو يتم من خلالها ربط محطات الطاقة الشمسية في الصحراء بأوروبا القارية من خلال كابلات خاصة لنقل التيار المباشر ذي التوتر العالي لتزويد الإتحاد الأوروبي بـ 20٪ من احتياجاته من الكهرباء. وكان إتحاد المبادرة الصناعية يتألف من شركات متعددة الجنسيات مثل E.ON، ميونيخ ري وسيمنس ودويتش بنك، وكذلك مؤسسة ديزيرتيك – وهي عبارة عن شبكة من السياسيين، وأصحاب الأعمال التجارية، والأكاديميين وأعضاء المجتمع المدني. ولكن ضعف الاقتصاد والمعارضة لفكرة تصدير الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا إلى أوروبا قلصت المخطّطات الضخمة، وجعلت معظم الأعضاء يتركون المبادرة الصناعية.

حاليا، ما زالت ديزيرتيك ماضية قُدُما، مع وجود مشاريع على الطاولة في تونس والمغرب و الجزائر. ومؤسسة ديزيرتيك ما زالت تدعم مشروع Tunur في تونس، وهو مشروع مشترك بين نور للطاقة ومقرها المملكة المتحدة ومجموعة من المستثمرين المالطيين والتونسيين في قطاع النفط والغاز. وهي تصف نفسها صراحة كمشروع لتصدير الطاقة الشمسية يربط بين الصحراء وأوروبا. وبالنظر إلى أن تونس تعتمد على الجزائر في احتياجاتها من الطاقة و هي تعاني من زيادة في انقطاع التيار الكهربائي، فإنه لأمر شنيع أن تتوجه إلى الصادرات بدلا من إنتاج الطاقة للاستخدام المحلي. ضياء الهمامي، صحفي تونسي يحقق في قطاع الطاقة، انتقد الليبيرالية المستمرة و المتصاعدة في إنتاج وتصدير الطاقة الخضراء في بلاده لأن ذلك يهدّم الرقابة العامة من قبل الشركة التونسية العامة للكهرباء والغاز ويتيح التصدير المباشر للكهرباء من قبل شركات خاصة و هذا يقلّل من شأن المصلحة الوطنية.
ينبغي علينا أن نفهم مشروع ديزرتيك في هذا السياق المؤيد للصفقات التجارية للشركات والصراع على النفوذ وموارد الطاقة. فالمشروع يمكن أن يلعب دورا في تنويع مصادر الطاقة بعيدا عن روسيا وكذلك المساهمة في تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي للحد من انبعاثات الكربون. وأيّ منطقة يمكن أن تكون أفضل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتحقيق هذه الأهداف ؟ فهي منطقة تنعم بالكثير من الموارد الطبيعية، من الوقود الأحفوري وحتى أشعة الشمس والرياح. يبدو أنّها خطة “استعمارية” مألوفة تبسط أمام أعيننا: تدفق غير محدود للموارد الطبيعية الرخيصة من الجنوب العالمي إلى بلدان الشمال الصناعية الثرية، وبالتالي الحفاظ على التقسيم الدولي للعمل، تقسيم غير عادل وظالم جدا.

العديد من الأفارقة يشككون في ديزيرتيك…الأوروبيون يقدّمون الوعود ولكنهم في نهاية المطاف، يحضرون مهندسيهم ومعدّاتهم، ويذهبون. انه شكل جديد من أشكال استغلال الموارد.

أين ستستخدم الطاقة المنتجة هنا؟ من أين ستأتي المياه التي ستبرد محطات الطاقة الشمسية؟ وعلى ماذا سيحصل السكان المحليون من كل ذلك؟

التنمية المستدامة أو قبول الوضع الراهن؟

توليد كميات هائلة من الكهرباء من الصحراء الكبرى بحد ذاته ليس عملا خاطئا كما أنه ليس عملا غير شريف. يجب الإشادة بالهدف المتمثل بتوفير الطاقة النظيفة المستدامة لكوكب الأرض لمحاربة ظاهرة الاحتباس الحراري. ولكن، كأي فكرة أخرى، فإن أسئلة مثل: من الذي سيستخدمها، وكيف تنفَّذ الفكرة، ولخدمة أية أجندة، وفي أي سياق يتم الترويج لها، هي أسئلة على قدر كبير من الأهمية.


البيئة الطاقة التلوث


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع