مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد(1)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


12/01/2023 القراءات: 594  


فرجع وارتحل معه ابن الدغنة فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق .
فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة .
وقالوا لابن الدغنة : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ، ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا . فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر .
فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنا مسجدا بفناء داره ، وكان يصلي فيه ويقرأ

القرآن فيتقذف عليه نساء المشركين - أي يزدحمون عليه - وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه .
وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن ، وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة ، فقدم عليهم فقالوا : إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه ، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا ، فانهه فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل ، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله من أن يرد إليك ذمتك ، فإنا قد كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان .
قالت عائشة رضي الله عنها : فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال : قد علمت الذي عاقدتك عليه ، فإما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترجع إلي ذمتي .
فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له . فقال أبو بكر : فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله عز وجل .
هذا قليل من كثير من تحمل أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه وجعل جنة الفردوس مثوانا ومثواه فله من الفضل والسابقة ما ليس لغيره ، ولقد قدمه المصطفى  على جميع الصحابة قال في النونية ما قال الرسول  لأبي بكر :

شعرا :
ويقول في مرض الوفاة يؤمكم عني أبو بكر بلا روغان

ويظل يمنع من إمامة غيره حتى يرى في صورة ميلان

ويقول لو كنت الخليل لواحد في الناس كان هو الخليل الدان

لكنه الأخ والرفيق وصاحبي وله علينا منه الإحسان

ويقول للصديق يوم الغار لا تحزن فنحن ثلاثة لا اثنان

الله ثالثنا وتلك فضيلة ما حازها إلا فتى عثمان

اللهم اجعلنا من التالين لكتابك العاملين به ، المحللين حلاله المحرمين حرامه الممتثلين لأوامره المجتنبين نواهيه المتعظين بمواعظه المنزجرين بزواجره المتفكرين في معانيه المتدبرين لألفاظه الباكين المقشعرين عند تلاوته وسماعه ، اللهم اعف عن تقصيرنا في طاعتك وشكرك وأدم لنا لزوم الطريق إلى ما يقربنا إليك . وهب لنا نورا نهتدي به إليك ويسر لنا ما يسرته لأهل محبتك وأيقظنا من غفلاتناوألهمنا رشدنا واسترنا في دنيانا وآخرتنا واحشرنا في زمرة المتقين وألحقنا بعبادك الصالحين واجعلنا ممن توكل عليك فكفيته ، واستهداك فهديته ودعاك فأجبته ، اللهم سلمنا من شرور أنفسنا التي هي أقرب أعدائنا وأعذنا من عدوك واعصمنا من الهوى ومن فتنة الدنيا ، ومكن محبتك في قلوبنا وقوهاوألهمنا ذكرك وشكرك وفرج قلوبنا بالنظر إلى وجهك الكريم في جنات النعيم واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد(1)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع