مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 إيذاء المشركين للمسلمين

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


06/02/2023 القراءات: 517  


سلسلة السيرة النبوية

🔻 إيذاء المشركين للمسلمين

انفجرت مكة بمشاعر الغضب وبدأت في تعذيب المسلمين ، واستباحت في الحرم الآمن دماءهم وأموالهم ، وتواصوا فيما بينهم على تعذيبهم أشد العذاب ليفتنوهم عن دينهم وخصوصا الضعفاء منهم فانقض كل سيد من سادات قريش على من آمن من عبيده وإمائه ومواليه ، يذيقهم أشد أنواع العذاب ليفتنهم عن دينهم

فهاهو عمار بن ياسر رضى الله عنه ، وكان مولى لبني مخزوم ، أسلم هو وأبوه وأمه ، فكان المشركون وعلى رأسهم أبو جهل يخرجونهم إلى الأبطح (بقعة فى مكة) إذا حميت الرمضاء فيعذبونهم بحرها ، ومر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون فقال :
"صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة " الألباني
فمات ياسر رضي الله عنه في العذاب ، وطعن أبو جهل سمية أم عمار رضي الله عنها بحربة فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام وشددوا العذاب على عمار ، وتنوعوا في أساليب تعذيبه ، وقالوا له:
لانتركك حتى تسب محمدا ، أو تقول فى اللات والعزى خيرا ، ولما اشتدوا عليه فى العذاب وافقهم على ذلك مكرها ، وجاء باكيا معتذرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله :
{من كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ }ٌ [النحل : 106]

وكان خباب بن الأرت رضي الله عنه مولى لأم أنمار الخزاعية، وكان حدادا، فلما أسلم عذبته مولاته بالنار، كانت تأتى بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره أو رأسه، ليكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يزيده ذلك إلا إيمانا، وكان المشركون أيضا يعذبونه فيلوون عنقه ، ويجذبون شعره ، وقد ألقوه على النار ، ثم سحبوه عليها ، فما أطفأها إلا ظهره‏.‏

وقد مر بنا تعذيب أمية بن خلف لبلال رضي الله عنه ، وكيف أنه كان يضع في عنفه حبلا ، ثم يسلمه إلى الصبيان يطوفون به في جبال مكة ، ويجرونه حتى كان الحبل يؤثر في عنقه ، وهو يقول :أحد أحد ، وكان أمية إذا حميت الظهيرة يخرجه ، فيطرحه على ظهره ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول :
لا والله لاتزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد ، وتعبد اللات والعزى
فيقول وهو في ذلك :أحد ، أحد
ولقد اشتراه أبو بكر رضي الله عنه وأعتقه

ولما علمت أم مصعب بن عمير رضي الله عنه بإسلامه منعته الطعام والشراب ، وأخرجته من بيته ، وكان من أنعم الناس عيشا ، حتى أنه يقال أنه كان إذا مشى في طريق عرف من مر بعده أنه مشى في هذا الطريق من رائحة العطر التى تفوح منه ، فلقد كانت أمه تحبه حبا جما وتغدق عليه ، فكان من أنعم أهل مكة ، ولما أسلم رضي الله عنه وطردته أمه ، تخشف جلده تخشف الحية
وعذب صهيب الرومي وعامر بن فهيرة ، كانا يعذبان حتى يفقدا وعيهما من شدة التعذيب ، وعذب الكثير من العبيد والإماء

ولقد اشترى أبو بكر رضي الله عنه هؤلاء الإماء والعبيد رضي الله عنهم وعنهن أجمعين ، فأعتقهم جميعا ،
‏ وعاتبه في ذلك أبوه أبو قحافة وقال‏:‏ أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أعتقت رجالًا جلدًا لمنعوك‏
قال‏:‏ إني أريد وجه الله
فأنزل الله قرآنًا مدح فيه أبا بكر رضي الله عنه ، وذم أعداءه‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى‏}‏ ‏[‏الليل‏:‏14‏:‏ 16]‏ وهو أمية بن خلف، ومن كان على شاكلته ‏{‏وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى‏}‏ ‏[‏الليـل‏:‏17‏:‏ 21]‏ وهـو أبـو بـكـر الصديـق رضي الله عنه‏.

وحاصل الأمر أن قريش لم تعلم بأحد دخل في الإسلام إلا تصدت له بالأذي والنكال ، وكان ذلك سهلا ميسورا بالنسبة لضعفاء المسلمين ، وخصوصا العبيد والإماء منهم ، فلم يكن هناك من يغضب لهم ويحميهم من بطش سادات قريش بهم
أما بالنسبة لمن أسلم من الكبار والأشراف كان ذلك صعبا حيث كانوا في عز ومنعة من قومهم ، ولذلك كان لا يجترئ عليهم إلا أشراف قومهم

فلقد كان عم عثمان بن عفان رضي الله عنه يلفه في حصير من ورق النخيل ثم يدخنه من تحته‏ ،‏
ولقد أخذ نوفل بن خويلد العدوى، وقيل عثمان بن عبيد الله ، أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأخذ معه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فشدهما في حبل واحد، ليمنعهما عن الصلاة وعن الدين فلم يجيباه، فلم يروعاه إلا وهما مطلقان يصليان؛ ولذلك سميا بالقرينين


ولقد اشتكى المسلمون للرسول صلى الله عليه وسلم ، شدة مايلاقونه من العذاب ، فعن خباب بن الأرت قال :
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد ببردة وهو في ظل الكعبة ، وقد لقينا من المشركين شدة ، فقلت :
ألا تدعوا الله ؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال :
"لقد كان من كان قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أو عصب مايصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنتين ، مايصرفه ذلك عن دينه ، وليتمن الله.هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت ، مايخاف إلا الله عز وجل ،ولكنكم تستعجلون" صححه الألباني


سلسلة السيرة النبوية 🔻 إيذاء المشركين للمسلمين


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع