مدونة البيتي العلمية


التفكير العلمي بين التنظير والتطبيق (علم النفس والإعلام أنموذجاً)

حسن محمد عبدالله البيتي | Hassan Mohammed Abdullah Albaiti


25/04/2022 القراءات: 946  


أن أسلوب التفكير العلمي هو الأسلوب الأنسب لفهم السلوك البشري والطبيعي على حد سواء، فقبل بروز أسلوب التفكير العلمي كانت العلوم الإنسانية والطبيعية تنظيرية ولها بعد فلسفي في حضارة اليونانيين والإغريق، فلم يعرف أسلوب التنظير والفلسفة منتهى لفهم السلوك البشري إطلاقاً، بخلاف أسلوب التفكير العلمي القائم على الفرضيات واختبارها، واختيار البديل المناسب (محمد، 2011).
ففي أسلوب التنظير والفلسفة، نجد أنها معرضة للدحض والجدل بمرور الزمن، لكون تلك الفلسفة أو التنظير جاء مواكب لزمان قائله، بخلاف الطريقة العلمية التي تستند على خطوات محكمة للوصول للبديل المناسب، فهل ظهرت لنا مثلاً قانون جديد يدحض مسألة وجود جاذبية للأرض حتى الآن، على خلاف النظريات والفلسفات؟
أن التفكير في طرق أخرى لفهم السلوك البشري يعتبر مستحيل إذا لم يكن فيه عنصر الاستدلال والبرهنة، وهما لا يأتيان إلا من طريق العلم المجرب، ولكي نعزز ما نقوله لدينا في سبيل ذلك نأخذ مثال على ما صنعه العباس بن فرناس الذي حاول التحليق في السماء، الكثير لا يعرف أنه بالرغم من المحاولة الفاشلة لذلك إلا أن المحاولة استبقها ذلك العالم الأندلسي بدراسات فيزيائية متعلقة بثقل الأجسام وكذلك ضغط الهواء ومقاومته، فهذا نسميه طريقة علمية في التفكير، جاءت على إثرها الأفكار البشرية المتلاحقة التي أوجدت لنا اليوم صناعة الطيران.
ولو جئنا لعلم النفس، فإن الخبرة العلمية المتراكمة تجعل الخبير يضع طرق معتمدة لعمل ما بعد مروره بعدة تجارب لمجموعات ضابطة ما بين متغيرات مستقلة وتابعة ووسيطة، وكمثال على ذلك كتاب " الذاكرة وطرق تقويتها" للطبيب السوري د. حنا حردوا – أستاذ العلم الإكلينيكي – حين قال: هناك اعتقادات متعلقة بالذاكرة منها: إذا وُلِدَ الانسان بذاكرة ضعيفة فما من شيء يمكن فعله لتحسين تلك الذاكرة، والحقيقة غير ذلك.
ثم بعد ذلك تطرق إلى بعض المهارات الذاتية لتعلُّم اللغة الإنجليزية قد طُرِحَ بعضها من قبل باحثين آخرين؛ لمعالجة مشكلة قد طرحتها أبحاث غربية وآسيوية مذكورة مسبقاً، فهو بذلك يقوّم الشيْ بالعلم المجرب وطرقه لا بالفلسفة.
لو أردنا الاستشهاد أكثر فلنأتي إلى النظريات الإعلامية التي يدرسوها الإعلاميون بما يعرف لديهم اليوم بـ "علم النفس الإعلامي" فهم يقولون: إن علم الإعلام لم ينتج نظرية رئيسية قابلة للتطور في المستقبل، ومن أسباب ذلك: حداثة الاتصال الجماهيري، وحداثة الدراسات الأكاديمية. ولكن الأهم من ذلك طبيعة الإعلام بوصفه نشاطاً إنسانياً؛ إذ لا يمكن دراسة الظاهرة الإعلامية دراسة معملية تتحكم في جميع متغيراتها البحثية مثلما هو الحال في الظاهرة الطبيعية.
مع أن النظرية لكي تصح لابد من أن تمر عبر أربع مراحل، هي: بناء الفرض العلمي، واختبار صحة الفرض، وإخضاعه لدراسة تجريبية، ثم تفسير النتائج التي تتوصل إليها هذه الدراسة.
فالخلاصة بأن لا سبيل للفهم إلا بالتجريب ثم التطبيق، وما عدا ذلك يعد استحداث مؤقتاً يزول بمجيء ما يعارضه.

المصادر
محمد، علي عودة. (2011). علم النفس التجريبي. (الطبعة الأولى، ص15). دمشق، سوريا: صفحات للدراسات والنشر.


علم النفس الإعلام التفكير العلمي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع