مدونة الدكتور محمد محمود كالو


متى تنهض الأمة من كبوتها؟

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


01/09/2022 القراءات: 1061  


متى تنهض الأمة من كبوتها؟
لم يعد خافياً على أحد من الناس اليوم ما يعيشه المسلمون من ذلة ومهانة، وما يحيط بهم من ظروف صعبة وأحوال مريرة، تتمثل في كيد الأعداء وتسلطهم على بلاد المسلمين.
فعن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) يُوشِكُ أن تَدَاعَى عليكم الأممُ من كلِّ أُفُقٍ، كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها، قيل: يا رسولَ اللهِ ! فمِن قِلَّةٍ يَوْمَئِذٍ؟ قال لا، ولكنكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيْلِ، يُجْعَلُ الْوَهَنُ في قلوبِكم، ويُنْزَعُ الرُّعْبُ من قلوبِ عَدُوِّكم؛ لِحُبِّكُمُ الدنيا وكَرَاهِيَتِكُم الموتَ) [رواه أبو داود].
من أين يبتسم الفؤاد ويفرح
وظــلام ليلك جــاثــم لا يـبـرح
لقد أصبح العالم الإسلامي في وضعٍ لا يحسد عليه، وأضحى مسرحاً لكل مشكلة، وصار مأوى لكل معضلة، فكل يومٍ نسمع أحداثاً ضد المسلمين وضد بلادهم، ضد مبادئهم وقيمهم ومقدساتهم، مما تتفطر منه الأكباد، وتدمى له القلوب، وتبكي له العيون، ومما يزيد في هم المسلم المتابع لأحداث أمته، المتألم لآلامها، بل أمسى هذا الأمر مألوفاً عند كثيرٍ من الناس، فلا يسعون لتغييره، ولا يجِدُّون في إصلاحه، ولا يأخذون بتأمل حاضر العالم الإسلامي وواقعه المزري الذي لا تترجم عنه الكلمات، وهو معلومٌ لكل مهتمٍ بقضايا أمته، ومتابعٍ لأخبارها.
يقول المؤرخ والكاتب الأمريكي ديورانت ويل:
"لا شك أن تحامل وإجحاف كثير من المؤرخين الغربيين على التراث العربي الإسلامي كان سبباً في ضياع تاريخ علماء أمة الإسلام، إلا أنني أعتقد جازماً أن إهمال المسلمين أنفسهم لتراثهم وتاريخهم كان السبب الرئيسي الأول لذلك الضياع".
يجب أن نتيقن بدون ريب أن هذا العجــز الذي حصل في الأمة والهـوان الطويل الذي جثـم عليها في عصرنا الحديث كـان بتقصير منا وبُعدنا عن حقيقة ديننا، ولذلك استمرت مآسينا قروناً.
للأسف الشديد ركزنا كثيراً على ما يشتتنا، وتجاهلنا ما يجمعنا، وساعد على ذلك غياب موجِّهين لا يخافون في الله لومة لائم من حُكَّام وعلماء ومؤرخين إلا من رحم ربي.
ومما زاد الطين بلة، ضياع شبابنا في حياة اللهو والمجون والفراغ، وبنظرة واحدة في المحتويات الفارغة ضمن وسائل التواصل الاجتماعي تدرك حجم الكارثة، وخاصة وضع المرأة المسلمة، المستهدفة في أخلاقها وآدابها وأبنائها وأسرتها، فقد خلعت برقع الحياء، ومزقت ثوب العفاف والحشمة، وتاهت وضاعت حتى أصبحت المرأة سلعة للعابثين وسوقاً للمغرضين.
وأسباب ضعف الأمة كثيرة، منها:
1- ضعف الإيمان في قلوبنا، لذلك قلَّ الدافع للعمل لهذه الأمة والنهوض بها.
2- المساجد تشكوا من قلة المصلين فيها.
3- الرضى بأخذ حاجاتنا من أعدائنا، وعدم الإنتاج لما يلزم بلادنا وأمتنا.
4- التفرق والاختلاف وعدم جمع الكلمة وعدم الاتحاد والتعاون، فالمسلمون اليوم جماعات وأحزابٌ متفرقة متناحرة، كل منها يريد القضاء على الآخر، وهذا تنفيذ لمخططات الأعداء.
5- ضعف فهم الأمة لحقيقة الإسلام وأهدافه ومقاصده.
6- الجهل المزمن والمستشري في جميع مفاصل المجتمع.
أما المسئولية فتقع على عاتق كل منتسبٍ لهذا الدين، بوحدة الصف، إذ الجميع طبيبٌ في أمراض أمته، يؤثر في محيطه ويتفاعل مع مجتمعه، ما دمنا شعرنا بفساد الوضع، وتدهور الواقع، يجب علينا أن نتحرك جميعاً في سبيل الإصلاح، لا نلقي بالتبعة على غيرنا، إذ هذا ديدن الفاشلين، ولا نتخلى عن المسئولية، كلٌ واحد يعمل في مجال اختصاصه، وما أتيح له من إمكانات، وكلٌ واحد بحسب قدرته واستطاعته، القائد والمعلم، العالم والداعية، الموظف والتاجر، الشاب والمرأة، كلهم على ثغراتٍ من ثغور الإسلام.
وأخيراً: لا شك أن أنجع الطرق وأسهلها للخروج من هذا التيه الذي تعيشه هذه الأمة، بل وأسرعها على الإطلاق هو بالرجوع إلى تعاليم ديننا الحنيف، حيث يتوجب على كل مسلم غيور على دينه أن يحاول الإصلاح بما استطاع من علم ومعرفة، وأن يمرر رسائل التفاؤل والمضي قدماً لبناء مستقبل مشرق لهذه الأمة، فأمتنا قد تنهزم وتضعف وتمرض ولكنها لا تموت.


تنهض، الكبوة، إجحاف، التراث، التفاؤل، تمرض، تنهزم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع