مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو
هل تتَمَنَّى أن تكون أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ (2)
الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU
19/08/2024 القراءات: 93
وهل كانت حياة الصحابة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلها سعادة وهناء؟
لقد كانت حياتهم جهداً وجهادًا في سبيل الله تعالى، وتَضحية وبذلاً؛ لإعلاء كلمة الله تعالى، فقد جاهَدوا بأموالهم وأنفسهم، وضَحَّوا براحتهم واستقرارهم، وترَكوا البلاد والأهل والأولاد، ووقَفوا ضد العالَم كلِّه، وليس معهم إلاَّ إيمانهم ويقينهم.
فيا من حُرِمتَ من الصُّحبة في الدنيا، اسأل الله تعالى أن يُنعمَ عليك بها في الآخرة؛ عن أنس رضي الله عنه أنَّ رجلاً سأَل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: (وماذا أعْدَدت لها؟)، قال: لا شيء، إلاَّ أني أحبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال: (أنت مع مَن أحْبَبت)، قال أنس: فأنا أحبُّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمرَ، وأرجو أن أكونَ معهم بحبي إيَّاهم، وإن لَم أعمل بمثْل أعمالهم. [رواه البخاري ومسلم]
فعلينا أن تسعى في إنماء هذا الحب، وذلك بقراءة سيرته وبتأمل أخباره، وباتباع سنته، واقتفاء نهجه، واتباع هديه صلوات الله وسلامه عليه.
ثم مَن كان صادقًاً في أُمنيته، فالطريق لتحقيقها واضحٌ وميسور؛ عن ربيعة بن كعب الأسْلمي رضي الله عنه قال: كنتُ أَبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آتِيه بوضوئه وبحاجته، فقال: (سَلْني)، فقلتُ: مُرافقتك في الجنة، قال: (أوَغير ذلك؟)، قلت: هو ذاك! قال: (فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود) [رواه أبو داود].
إننا نؤمن بالقضاء والقدر، والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]
فعلينا أن نحمد الله تعالى إذ أخرجنا من بطون أمهاتنا في هذا العصر لا نعرف إلا ربنا سبحانه وتعالى، ومصدقين بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كفينا البلاء بغيرنا.
وأخيراً: أبْشِر أخي الكريم، يا مَن آمَنتَ بنبيِّك ولَم تَره، اسْمَع البُشرى من الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، عن أبي أُمامة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (طوبى لِمَن رآني وآمَن بي، وطوبى "سبع مرات" لِمَن لَم يَرَني وآمَن بي) [رواه أحمد].
قال المناوي رحمه الله تعالى: "وذلك لأنَّ الله مدَحهم بإيمانهم بالغيب، وكان إيمان الصَّدر الأول غيبًا وشهودًا، فإنهم آمَنوا بالله واليوم الآخر غيبًا، وآمَنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم شهودًا، لما أنَّهم رَأَوا الآيات وشاهَدوا المعجزات، وآخر هذه الأُمَّة آمنوا غيبًا بما آمَن به أوَّلها شهودًا؛ فلذا أثنَى عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم" [فيض القدير شرْح الجامع الصغير؛ للمناوي:4/ 279].
اللهم إنا نحبُّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمرَ وعثمان وعلي وكل الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ونرجو أن نكونَ معهم بحبنا إيَّاهم، وإن لَم نعمل بمثْل أعمالهم يارب.
محبة الرسول، الصحابة، طوبى، خيرا لكم، مُرافقتك، كفينا البلاء
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع