مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


28/04/2022 القراءات: 896  


المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا
يتميز المجتمع السكاني لدولة رواندا بتكونه من ثلاث قبائل عرقية رئيسية وهي قبائل التوتسي والتي تشكل (15%) وقبائل الهوتو والتي تشكل( 84%) وقبائل ألتوا التي تشكل( 1% ) وبسبب هذا التنوع العرقي فقد استغله الاستعمار البلجيكي لإثارة الفتنة بين تلك الجماعات خلال فترة الاستعمار ونتيجة للتدخلات فقد بدا الصراع بين قبائل الهوتو والتوتسي ونتج عن هذا الصراع معارك بينهم مما أدى إلى نزوح الآلاف من قبائل التوتسي إلى الدول المجاورة التي ساعدت جماعات التوتسي المهاجرة إليها ولم شملهم وتدريبهم على القتال ضد الحكومة الرواندية المسيطر عليها من قبل جماعات الهوتو وبعد إن تمكنت الجماعات التوتسية من تأسيس الجبهة الوطنية الرواندية (RPF) وبدأت عملياتها ضد الحكومة الرواندية عام1990.
ونتيجة لعدم السماح لميليشيات الجبهة الوطنية الرواندية من المشاركة في الحكم تأزم الوضع في رواندا واشتدت خطورته حتى إن أثره امتد إلى الدول المجاورة الأمر الذي دفع هذه الدول إلى التدخل عن طريق منظمة الوحدة الأفريقية وانتهت الوساطة إلى عقد اتفاق وقف القتال وتقاسم السلطة وحدث هذا الاتفاق في مدينة اروشا في تنزانيا بتاريخ 4/8/1993 إلا إن النزاع لم يتوقف بالرغم من الاتفاق وازداد الوضع سوء بعد تحطم الطائرة التي كانت تقل الرئيس الرواندي قبل فجر 7/4/1994 بعدها تم تشكيل حكومة مؤقتة من الهوتو الأمر الذي أدى إلى حدوث الضحية الكبرى وخاصة في الفترة من14ـ 21/4/1994 حيث راح ضحية الذابح بما يزيد على مليون ونصف شخص.
وبسبب تلك المذابح أدى الأمر بحكومة رواندا إلى أن تذهب إلى مجلس الأمن وتطلب منه المساعدة حيث استجاب مجلس الأمن لطلب حكومة رواندا عن طريق تشكيل لجنة تضم مجموعة من الخبراء لغرض التحقيق في الانتهاكات والجرائم المرتكبة في رواندا عام 1994 بموجب القرار المرقم (935) في نفس العام وبدأت اللجنة أعمالها خلال أربعة أشهر فقط إلا أن هذه المدة كانت غير كافية للقيام بأعمالها على أكمل وجه وبعد أن تأكدت اللجنة من وقوع مجازر وإبادة جماعية قامت بإعداد تقرير شامل ومفصل وتقديمه إلى مجلس الأمن وعلى ضوء ذلك التقرير المقدم من قبل اللجنة اصدر مجلس الأمن اصدر مجلس الأمن القرار المرقم (955) في 1994 والمتضمن إنشاء المحكمة الجنائية الخاصة برواندا للنظر في الجرائم المرتكبة خلال الفترة الواقعة ما بين الأول من كانون الثاني 1994 إلى نهاية كانون الأول من العام نفسه.
وان النظام القضائي جاء ليعالج حالة نادرة من نوعها في رواندا وان هذا النظام لم يأتي ليكون نظام دائم ومستقر في ظل عدم التوازن السياسي الذي كانت تعاني منه حكومة رواندا وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها المحكمة سواء مايتعلق بالجانب العملي أو القانوني لها إلا أنها ساهمت مع الجنائية الخاصة بيوغسلافيا في ترسيخ فكرة المسؤولية الجنائية الفردية على الصعيد الدولي في ظل عالم تحكمه مجموعة من المتغيرات السياسية وبسبب الصعوبات والمشاكل التي واجهتها كل من محكمة يوغسلافيا ومحكمة رواندا برزت الحاجة إلى ضرورة إنشاء قضاء جنائي دولي دائم.


القضاء الدولي الجنائي - التطور التاريخي - القانون الدولي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع