ديمقراطية التعليم وتكوين العباقرة
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
30/08/2024 القراءات: 82
تُعتبر العلاقة بين الديمقراطية والتعليم علاقة تكاملية، إذ إن الأولى توفر البيئة الحاضنة للإبداع والتفكير النقدي، والثانية تسهم في بناء المجتمعات الديمقراطية. في سياق التجربة المصرية، يمكن ملاحظة أن العصر الذهبي للتعليم كان بمثابة حاضنة للعباقرة، وتزامن مع ظهور رموز فكرية وثقافية أسهمت بشكل كبير في نهضة البلاد وتشكيل هويته الوطنية. شخصيات مثل رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك ومحمد عبده، الذين نشئوا في بيئة تعليمية تحفز على الحرية الفكرية والتجديد، استطاعوا أن يشكلوا رؤى جديدة حول المجتمع والدين، مما كان له أثر بالغ في تطور الفكر المصري.
ومع ذلك، فإن التحولات التي شهدها النظام التعليمي المصري في العقود الأخيرة، والتي تمثلت في تسليعه وتركيزه على النتائج الكمية على حساب الجودة، أدت إلى تراجع الدور المحوري للتعليم في إنتاج العقول المبدعة والقادة. فبديلاً عن أن يكون التعليم وسيلة لتطوير الفرد وتنمية قدراته -خصوصا- تنمية العقل النقدي والإبداع، أصبح وسيلة لتحقيق مكاسب اقتصادية، مما أدى إلى تقييد الحريات الأكاديمية وتضييق الخيارات المتاحة للطلاب، وبالتالي، أصبح التعليم يركز على الحفظ والتلقين، مما قيد الطلاب وأعاق قدرتهم على التفكير بشكل مستقل.
إن استعادة دور التعليم في بناء مجتمع ديمقراطي يتطلب إعادة النظر في السياسات التعليمية بشكل جذري. يجب أن يكون الهدف الأساسي هو توفير تعليم عالي الجودة يركز على تنمية مهارات التفكير النقدي والإبداع، ويحفز على البحث العلمي والابتكار. كما يجب أن يتم توفير بيئة تعليمية آمنة تحترم التنوع وتشجع الحوار البناء. من خلال هذه الإصلاحات، يمكن لمصر أن تستعيد مكانتها الرائدة في مجال التعليم، وأن تسهم في بناء مستقبل أفضل لأجيالها القادمة. وأن يخرج للأمة أجيال من العظماء الذين يقودوا الحياة الفكرية ويحققون للأمة نهضتها.
#الغنيمي
#رؤية_لإصلاح_التعليم
تربية، فكر، نهضة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة