ريبر هبون


دلالات "الصور على الحائط" للكاتبة اليهودية تسيونيت فتَّال

ريبر هبون - ريبر عادل أحمد | Reber Hebun


04/03/2022 القراءات: 1415  



دلالات "الصور على الحائط" للكاتبة اليهودية تسيونيت فتَّال
ريبر هبون -

الصور على الحائط ، يبدو العنوان رامزاً لحقبة تاريخية مؤلمة في حياة يهود العراق، ركَزت فيه الكاتبة اليهودية تسيونيت فتّال على جوانب معتمة للمجتمع اليهودي في حقبة ما قبل الفرهود إبان عهد الملكية العراقية انتهاء بالمجازر التي ارتكبت بحق يهود العراق، وانتهاء حقبة الملك فيصل وجلاء البريطانيين عن العراق، اعتمدت الكاتبة في روايتهاعلى المنهج التاريخي، فكانت الرواية التاريخية مبنية على تجربتها في ميدان البحث العلمي وكذلك على خيالها ، فنسجت أبطال روايتها بما يتفق والحقبة المنصرمة، وقد كان غالب شخوص الرواية من النساء ،والقضية الأكثر بروزاً هي حالة التخلف السائدة في تلك المرحلة، وتفتت النسيج الإجتماعي والكراهية السائدة بين العائلات، والسحر الأسود الممارس بكثافة بغية التشفي والانتقام أو الهيمنة على الأفراد كدأب العائلات الأرستقراطية التقليدية المنشغلة حينذاك بالتصارع بدافع حب التملك والاستئثار، حيث لم يكن هنالك اهتمام بما يحدث خارج المجتمع من تغيرات سياسية متسارعة، وقد كانت لشخصية نورية،بطلة الرواية ،المرأة اليهودية الجميلة دوراً ريادياً منذ بداية الرواية حتى نهايتها، من كونها كافحت للنهاية وبمفردها في مواجهة المؤامرات التي حيكت لتدمير عائلتها، حيث كشفت خفايا الألاعيب الممارسة ضد عائلتها ولم يثني عزمها موت أولادها الثلاث تباعاً من أن تستمر في الحياة وتحارب بسلاح الصبر
" لتنال أخيراً طفلاً أسمته " ناحوم"، ليكون ذلك الفتى عنواناً لمرحلة جديدة، اسمها مرحلة العودة للأرض المقدسة "اسرائيل
: نلحظ في هذه الرواية نقاطاً مهمة جاءت متسلسلة لتبين الفكرة الأساس من الرواية

.حالة الانقسام والتشرذم نتيجة طغيان النزعة الذكورية والجهل الاجتماعي -

" دور المرأة وصمودها واتحادها لأجل الوقوف بوجه المفاهيم التقليدية“علاقة نورية بالمطربة زيزي -

فعلى الرغم من نظرة المجتمع التقليدي وقتها لشخصية زيزي وغناءها في الكازينوهات ، إلا أنها برزت بشكل مؤثر في نفوذها
. داخل السلطة وعلاقتها بالمسؤولين وقد استطاعت تخليص ابن نورية الوحيد المتبقي من قبضة الشرطة السرية العراقية

الإشارة إلى السحر الأسود كرمز يشير إلى عدم وجود توافق وانسجام اجتماعي وبروز الكراهية بين العائلات اليهودية ذوي -
.الجاه، ومحاولتهم البروز على حساب فناء وتعاسة الآخر
لقد جسّدت الكاتبة تسينونيت فتال العادات،التقاليد،الطقوس الدينية،الطعام،المأكل والملبس والمأوى لتنقل لنا بطريقة مركّزة
. ومعمّقة معالم الحياة السائدة حينذاك على نحو يوحي وكأنها إحدى بطلات تلك الحقبة
ونتيجة سياسة معاداة اليهود لأسباب دينية وتاريخية لم يتسنى للشرق أوسطي عموماً والعربي خصوصاً فهم القضية اليهودية بشكلها الموضوعي بعيداً عن نظرية المؤامرة ومزاعم الأنظمة القمعية العربية التي استفادت قضية فلسطين لتدعيم سلطاتها وخداع شعوبها، فبقي العقل الشرق أوسطي مغيباً كارهاً لليهودية والصهيونية إثر تلك الدعاية المنظمة الممارسة عليه طيلة قرون وحقب وعقود، فكان لرواية الصور على الحائط دوراً في مد الجسور بين اليهودي وغير اليهودي، وإن كانت تسلط الضوء على حقبة معينة محددة تخص يهود العراق دون غيرهم، وبما لاشك فيه فإن حرب الأكثرية ضد الأقليات نتيجة لأسباب سياسية وعقائدية كانت عنوناً عريضاً للقرن العشرين نذكر إبادة الأرمن ، الكورد(مذبحة ديرسم، حلبجة، الأنفال) ، الأشوريين ،
." والسريان" مذابح سيفو

التركيز على تأثير الحاخامات على المجتمع من جهة ودور السحر الذي كانت تمارسه نخبة المجتمع في الإضرار بالأفراد، في-
إشارة لطبيعة العصر السائدة وابتعاد الناس عن التفكير بالدراسة والارتقاء، والعبء المضاعف الذي تبديه المرأة للتمسك بالعفة الظاهرية وتفادي بطش الذكور إن في الشارع أو البيت ، حيث تتجلى مواقف النسوية في الرواية بتصاعد حاد في الكشف عن ازدواجية الرجل وامتهانه لعب دورين متناقضين ،حيث يحق له مجاورة العاهرات في المراقص ، وكذلك نعت المرأة التي تقيم معه بالسيئة وكونها منبع الرذيلة والفجور واللعنات، فتعود الروائية تسيونيت فتّال في التأكيد على دور المرأة إن تجاوزت
. الكراهية في إنقاذ الرجل من الموت وإنقاذ ما تبقى للخروج بهم من قعر الهلاك إلى الأرض الموعودة


شعر نقد - نثر - دراسات - أبحاث -فلسفة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع