مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


التحذير من القول في معاني القرآن بدون علم

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


21/12/2022 القراءات: 291  


التحذير من القول في معاني القرآن بدون علم
ورد التحذير من القول في معاني القرآن بدون علم، وفهم آياته وتفسيرها ممن لم يكن أهلاً لذلك، ولم يتزود بالوسائل التي تعينه على حسن الفهم، وصوابية التفسير، وصحة الاستنباط.
وقد أورد الإمام ابن كثير في مقدمة تفسيره طائفةً من الأقوال عن الصحابة والتابعين في التحذير من ذلك. نختار بعضها فيما يلي:
قال: " أما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام:
لما رُوي عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من قال في القرآن برأيه، أو بما لا يعلم، فليتبوأ مقعده من النار ". أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود مرفوعاً، ورواه بعضهم موقوفاً عن ابن عباس، والله أعلم.
وروى أبو عمران الجوني عن جندبٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ ". وفي رواية أخرى: " من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ ". رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال - الترمذي: غريب. وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل - يعني سهيلاً القطيعي أحد رجال السند - ومعنى قوله: من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ، كما قال ابن كثير: " أي أخطأ لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أُمر به،
فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر، لكنه قد أخطأ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهلٍ، فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر ".
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أي أرضٍ تقلني، وأي سماءٍ تظلني، إذا قلتُ في كتاب الله ما لا أعلم.
وقال ابن أبي مُلَيكة: سُئل ابن عباسٍ عن آية، لو سُئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها.
وجاء طَلْق بن حبيبٍ إلى جندب بن عبد الله، فسأله عن آيةٍ من القرآن فقال له: أُحَرِّجُ عليك إن كنتَ مسلماً لما قمت عني.
وقال يزيد بن أبي يزيد: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آيةٍ سكت كأن لم يسمع.
وقال عبيد الله بن عمر: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير. منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع.
وقال محمد بن سيرين: سألت عبيدة السَّلْماني عن آية من كتاب الله فقال: ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أُنزل القرآن. فاتق الله وعليك بالسداد.
وقال مسلم بن يسار: إذا حَدثتَ عن الله حديثاً، فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده.
وعن إبراهيم النخعي قال: كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه.
وقال الشعبي: والله ما من آية إلا وقد سألت عنها. ولكنها الرواية عن الله. وقال مسروق: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله.
ونأخذ من هذه الأقوال التحذير من القول في التفسير بدون علم، ولذلك نوجهها للذين يدخلون هذا الباب، ولا يملكون الوسائل التي تعينهم على حسن الفهم عن الله.
ولا تدل هذه الأقوال على النهي عن التفسير مطلقاً، ومنع النظر في آيات القرآن، وفهمها وعرض مفاهيمها. لأن هذا واجبٌ على كل من كان مؤهلاً لذلك. ولذلك قال ابن كثير - بعد إيراده تلك الأقوال -: فهذه الآثار الصحيحة، وما شاكلها عن أئمة السلف، محمولةٌ على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه. فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغةً وشرعاً، فلا حرج عليه. ولهذا رُويت عن هؤلاء وغيرهم أقوالٌ في التفسير، ولا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقول الله سبحانه: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}، ولما جاء في الحديث الذي رُوي من طرق " من سئل عن علمٍ فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجامٍ من نار ".
وهذا الحديث الذي ذكره ابن كثير أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده والترمذي والنسائي وأبو داود والحاكم عن أبي هريرة، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير بالصحة، وقال المناوي في فيض القدير: " قال الترمذي:
حسن. وقال الحاكم: على شرطهما، وقال المنذري: في طرقه كلها مقال، إلا أن طريق أبي داود حسن.
وللحديث عن أبي هريرة طرقٌ عشرة، سردها ابن الجوزي ووهَّاها.
قال الذهبي في الكبائر: إسناده صحيح، رواه عطاء عن أبي هريرة، وأشار بذلك إلى أن رجاله ثقات، لكن فيه انقطاعاً ".
***


التحذير من القول في معاني القرآن بدون علم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع