مدونة ابن البوادي د. برير الرضي محمد تيراب


قطوف فــــي فقه العبــادة (8) تعدد النيات في التلاوة

د. برير الرضي محمد تيراب | Preer alradiy Mohammed Tirab


11/05/2021 القراءات: 1013  


يقول الله تعالى في محكم تنزيله إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيرا - اقتباساً من هذه الآيــة الكريمة نواصل ما أنقطع من حديث حول سلسلة قطوف فــــي فقه العبــادة ونتحدث فيها عن تعدد النيات في التـــلاة فالكثير من الآيات والأحاديث العداله على فضل تلاوة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، فهو حبل الله المتين، والنور المُبين، والعُروة الوُثقى، وسبيل هداية البشريّة، وإخراجها من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد؛ ففيه ما فيه من قصص لأحوال الأمم السابقة مع أنبيائهم، وبيان مصيرهم، إضافةً للأحكام الشرعية التي تُبيّن الحلال من والحرامَ، ويُنظّم حياة البشرية من معاملات فهو المَنهج القويم، والصراط المستقيم. القراءاة بنية مُضاعَفة الثواب لما ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ). القراءة بنية نَيْل مرتبة السَّفرة الكرام البَرَرة: فمن الاحاديث النبويّة الشريفة التي تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم لما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها أن النبي أخبرها قائـــلا يا عائشةُ الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ) فقد أكرم الله -تعالى- قارئ القرآن الكريم الحافظ المُتقِن للأحكام برَفع مكانته يوم القيامة، وجَعله مع السَّفَرة البَرَرة؛ وهم: الرُّسُل؛ لأنّهم يُسفرون إلى الناس برسالات الله -تعالى-، والبَرَرة هم: المُطيعون؛ إذ إنّ البِرّ هو الطاعة، ولا يقتصر الفَضْل للمُتقِن الماهر بقراءة القرآن الكريم فقط، بل يشمل قارئ القرآن الذي يجد صعوبةً أثناء القراءة؛ فقد أكرمه الله -تعالى- بأجرَين؛ أجر القراءة، وأجرٌ بسبب المَشقّة التي يجدها في التلاوة. القراءة بنية تنزُّل السكينة فقد ثبت في الصحيح أنّ السكينة تتنزّل على قارئ القرآن الكريم، ومن حيث لا يشعر تتنزّل الملائكة؛ لتُنصت وتستمع إلى قراءته؛ وورد عن أُسيد بن حُضير -رضي الله عنه- الذي ضرب أروع الأمثلة في إخلاص العبادة، وحبّ الله ورسوله استمرّ بالقراءة لنزلت الملائكة تُسلّم عليه، ولسلّموا على الناس، وممّا يدلّ على نزول الملائكة؛ للاستماع إلى قارئ القرآن المُخلص في قراءته ما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ). القراءة بنية نَيْل الشفاعة يوم القيامة لحديث أبي أمامة الباهليّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ). القراءة بنية عِظم القَدْر فقد ثبت في الحديث الصحيح أنّ لقارئ القرآن الكريم المُخلص بقراءته لله -تعالى- قدراً عظيماً في الدُّنيا والآخرة؛ لِما ورد عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌّ)، والأُترجة: ثمرةٌ تشبه البطيخ، لونها جميلٌ، ورائحتها عطرةٌ، وطعمها شهيٌّ، وقد شبّه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجة؛ لأنّ قراءة القرآن الكريم يُحسِّن أخلاق العبد، ويزيد من الأعماله الصالحة؛ فتُقرِّبه من الله -تعالى-، وتُحبّبه إلى الناس، كما أنّ الله -تعالى- يرفع مكانة قارئ القرآن الكريم في الدُّنيا والآخرة، على أن تكون القراءة مقرونةً بالعمل الصالح، وإخلاص النيّة لتحقيق الهدف الحقيقيّ في كلّ العبادات. القراءة بنية رفع المكانة في الدُّنيا فإن نّ قراءة القرآن سببٌ لنَيْل المكانة الرفيعة في الدُّنيا، والأجر العظيم في الآخرة؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ). القراءة بنية نَيْل أعلى الدرجات في الجنّة: حيث فإن درجة قارئ القرآن الكريم في الجنّة تكون عند آخر آية يقرؤها؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها). القراءة بنية نَيْل مكانةٍ خاصّةٍ عند الله تعالى: فقد ورد في السنّة ما يدلّ على عِظَم مكانة أهل القرآن الكريم عند الله -تعالى-؛ لقول الحبيب عليه الصلاة والسلام (إِنَّ للهِ أهلِينَ مِنَ الناسِ قالوا: من هُمْ يا رسولَ اللهِ؟ قال أهلُ القرآنِ هُمْ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ). فالجنّ حينما سمعوه رجعوا إلى قومهم مُنذرين لهم ، لما تركه في أنفسهم من عظمَ الأثر فقال جلا وعلا عنهم في مطلع سورة الجن (يهدي إلى الرشد فامنا به ولن نشرك بربنا أحدا) اللهم إنك عفو تحب العفو اعفو عنـــا.


القرآن / تعدد النيات / تكثير الأجر والثواب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع