واقِعُنا مع العِبَادات ..
ياسر الدالي | Yasser Addali
08/05/2022 القراءات: 2455
واقعنا مع العبادات ..
✍️. ياسر الدالي
كان المسلمون الأوائل يتعاملون مع العبادات على أنّها حياتهم، يعيشون لها وفيها، فكل حركاتهم وسكناتهم عبادة، واستشعار أجورها العظيمة من الله تعالى.
وعند مقارنة تلك الأجيال الفريدة التي تمثّلت الإسلام حق التمثّل، وبين الأجيال المتأخرة نجد أن الناس في زماننا بدأت تأخذ العبادات لديها طابع العادة، فهم يمارسونها من باب العادة والطقوس والتقاليد، فمثلاً عند ما يحلّ رمضان تجد كثيرًا منهم يسارعون إلى تزيين منازلهم، وشراء فوانيس رمضان، والتزود له بأطيب الأكلات والأطعمة، وربما شراء سجادة جديدة، ولباس مخصص لرمضان، ونفض غبار المصحف وتبخيره والبدء في تلاوة القرآن، والحرص على متابعة المسلسلات الرمضانية التي تعجّ بها القنوات، وأغلبها نعرف تمام المعرفة هدفها، فإذا ما انصرف رمضان عادوا لحياتهم القديمة بما فيها من تعاملات، وتصرفات، وأخلاقيات.
كذلك بعض الناس لا يصلي إلا من الجمعة إلى الجمعة، ومن رمضان إلى رمضان، وإذا حجّ لا يؤثر ذلك الحج في حياته شيئًا، بل صار محل مباهاة، والتقاط الصور بجانب المشاعر المقدسة،. التي يعد أمرها خطرًا قد يُفسد أجر حجّه، حتى الصلاة اليومية التي افترضها الله علينا أصبحنا نؤديها أداءً فقط، بعيدًا عن إقامتها، وفرّغناها من محتواها في كونها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وقِسْ على ذلك.. وماذا كان نتاج ذلك؟ إنه الواقع البيئس الذي يعيشه المسلمون اليوم.
هكذا يريدنا أعداء الإسلام، أن يكون الإسلام بالنسبة لنا طقوس وتقاليد وعادات مفرّغة من محتواها السلوكي، بمعنى آخر علمنة الدين، فيحدثون بذلك شرخًا، بل وانفصالًا كليًا بين العبادات وأثرها، بين الإسلام وتطبيقه في حياتنا، فيسهل بذلك تمرير مشاريعهم فينا.
إذن ما المطلوب؟!
المطلوب أن تتحوّل عاداتنا إلى عبادات وليس العكس، أن نعيش للإسلام ويعيش الإسلام فينا، ولن يكلفنا ذلك إلا التركيز فيما نعمله، واصطحاب النية الخالصة لله فيما نقوم به، ثم أن نداوم على العبادات واستشعار عظمتها وأجرها، ونبذل قصارى جهدنا في ترجمة أثر تلك العبادات إلى واقع ملموس، ثم أن نلتزم هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، حيث قال: ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ).
فوِرْدًا محددًا من القرآن يوميًا مع الحرص على تدبّر آياتٍ منه لن يُكلفنا من الوقت كثيرًا، وأداء الصلوات الخمس في جماعة، والمحافظة على السنن الرواتب، وركعتان قبل الفجر، وصدقة دائمة قليلة تقيك وأهلك من المصائب، والحرص على التخلّق بأخلاق الإسلام في التعامل مع الناس، كل هذا من الأمور البسيطة المقدور عليها إن شاء الله.
ثبتني الله وإياكم على دينه، والاعتصام بكتابه، والتحلي بسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم.
واقعنا مع العبادات..
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع