مدونة زهراء رياض علي الطائي


اهمية حق الإنسان في بيئة سليمة

زهراء رياض علي الطائي | Zahraa Riyadh Ali Altaee


31/05/2020 القراءات: 11981  


يعد حق الإنسان في العيش في بيئة ملائمة وسليمة، من الحقوق المستحدثة، والتي يطلق عليها الحقوق الجماعية التضامنية، فضلاً عن حقوق أخرى مستحدثة، كالحق في التنمية والحق في السلم والأمن الدولي وحق تقرير المصير، ومن الناحية القانونية انطلقت حقوق الجيل الثالث من الإعلانات الدولية الصادرة عقب مؤتمرات دولية، لكي تستقر كمبادئ قانونية في صلب اتفاقيات دولية لتصبح جزءاً من القانون الدولي لحقوق الإنسان.
إن فلسفة حقوق الجيل الثالث من حقوق الإنسان، والتي بدأت مباشرة عن طريق القانون الدولي، تقوم على أساس تكريس الحقوق التي تتمتع بها الجماعات الإنسانية، أي الدول والأمم والشعوب، فهي تنظر وتهتم بحقوق الجماعة على أساس أنه باحترام حقوق المجموع تتحقق حقوق الفرد وحرياته، وأنه لا يجوز أن تطغى طائفة من الحقوق على طائفة أخرى لأن حقوق الإنسان مجتمعة كلٌ لا يتجزأ يكمل بعضها بعض، وأنها تُراثٌ مشترك للإنسانية جمعاء.
فالحقوق الجماعية،( هي تلك الحقوق التي تثبت لمجموع الأفراد ككل، فهي ليست حقاً شخصياً لفرد بعينه، وإنما هي حقوق تثبت للجماعة وعلى ذلك فالتمتع بهذه الحقوق أو الحرمان منها ينصرف إلى مجموعة من الناس لذلك لا يمكن حرمان فرد بعينه من هذه الحقوق، وإنما هذه الحقوق تكون في مواجهة الجماعة ).
وبهذا فالحقوق الجماعية تتميز بأنها جديدة مبتكرة، ليست بديلة عن الحقوق الفردية لكنها مكملة لها لأنها تتسم بالطبيعة المركبة فبرغم كونها حقوق تخاطب الدول والشعوب والأمم، إلا أنها تعود في النهاية بالنفع على الإنسان الفرد.
والحق في بيئة سليمة ونظيفة وملائمة للعيش وخالية من التلوث وإن كان حقاً للفرد الإنساني لأنه ووفقاً للاتجاهات الحديثة أصبحت للفرد مصلحة شخصية في المطالبة به، فإنه أيضاً يعد حقاً جماعياً، لأنه يجوز للدول والجماعات المطالبة والتمسك به، كما أنه أيضاً من الحقوق العالمية، أي الحقوق المنصوص عليها في الغالبية العظمى من المواثيق المتعلقة بحماية واحترام حقوق الإنسان.
ويعد حق الإنسان في العيش في بيئة ملائمة وسليمة، حقاً وواجباً في الوقت نفسه، لأن من له حق في بيئة سليمة يقع عليه بالمقابل واجب حمايتها ووقايتها من جميع أنواع الملوثات، كما أنّ للزمن دوراً هاماً في تحديد مضمون هذا الحق، فحق الإنسان في بيئة سليمة وملائمة لا يخص الأجيال الحاضرة فقط بل الأجيال المقبلة أيضاً، ويتضح البعد الزمني لهذا الحق بالتزام الأجيال الحالية باحترام حقوق الأجيال القادمة في بيئة سليمة، وذلك استناداً إلى نظرية (العدالة بين الأجيال) التي تقوم على أساس أن كل جيل يقع عليه واجب ترك البيئة بحال أفضل أو بحالة ليست أسوأ من الحالة التي استلمها عليها للأجيال القادمة، وأن هذا المبدأ تكمن أهميته في أوقات الحروب والأزمات أكثر من أوقات السلم لأن الأخطار التي يحتمل حدوثها في هذه الأوقات كبيرة وآثارها مدمرة على البيئة قياساً بأوقات السلم، حتى أن فرصة معالجتها تكاد تنعدم وبهذا نكون أمام خطر حقيقي يهدد حق من أهم حقوق الإنسان .

وقد وضعت عدة تعريفات لحق الإنسان في العيش في بيئة ملائمة وسليمة، حيث اختلف المختصون بدراسة حقوق الإنسان في وضع تعريف شامل يبين معنى هذا الحق، فقد ورد تعريف لها بأنها (حق الإنسان في أن يعيش في بيئة متوازنة تسمح له بحياة كريمة خالية من التلوث) .
ويعرفهُ آخرون بأنهُ (حق كل إنسان وحق المجتمع في بيئة خالية من التلوث ومن التدهور البيئي ومن النشاطات التي تؤثر بشكل غير ملائم في البيئة) .
وورد في تعريف أخر أن الحق في بيئة سليمة يعني الحق في العيش في بيئة صحية خالية من التلوث بمختلف أشكاله وحقه في الانتفاع واستغلال ثروات الطبيعة وبقائها نظيفة وملائمة وحمايتها بكل عناصرها المادية وغير المادية من التدهور.
بعد هذا الاستعراض الموجز يتبين لنا أن تمتع الإنسان ببيئة ملائمة للعيش وسليمة يعتبر حق من حقوقه ولأسباب عديدة أهمها نابع من استعراض الأضرار الصحية للتلوث البيئي والتي على رأسها قضاء التلوث البيئي على حق الإنسان في الحياة والتي هي من أهم حقوقه الراسخة والمستمدة من الحقوق الطبيعية الأساسية، وأخف هذه الأضرار هي التأثير على صحة الإنسان وسلامته الجسدية.


البيئة - حق الانسان في بيئة سليمة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


موضوع جدير بالاهتمام ويعد الحق في البيئة من حقوق الانسان الاساسية خصوصا وان البيئة السليمة تمثل اهمية موضوعية للانسان في ظل التطور التكنلوجي الذي صاحبه تلوثا بيئيا اثر ويؤثر على الانسان من النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية ..بوركت جهودك د. زياد عبدالوهاب النعيمي استاذ القانون الدولي العام المساعد جامعة الموصل


شكرا جزيلا دكتور ، من المؤكد أن لحضرتكم جهود كبيرة وبحوث واسعة في هذا الموضوع تحديداً ونحن كطلاب وباحثين استفدنا جدااً منها ، بارك الله بكم وبجهودكم ...


إن تكريس حق الإنسان في بيئة سليمة من خلال المواثيق الدولية حماية غير مباشرة تختلف عن الحماية المتبعة في بقية حقوق الإنسان المحمية, حيث أنها لم تكرس إجراءات خاصة تتبع في المطالبة بالحماية من طرف الأفراد والشعوب, ولعل الحماية غير المباشرة لهذا الحق ترجع لعدة أسباب, أهمها عدم مصادقة وإلتزام معظم الدول بالإتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة وحق الإنسان في بيئة سليمة, واستمرارها في تلويثها متعدية بذلك حق الفراد وحق الشعوب في العيش في وسط بيئي ملائم ومتوازن.


الاستاذ يوسف المحترم ... اوافقك الرأي فيما تفضلت، ولعل من اهم أسباب عدم تفعيل الحماية ايضا ان الدول العظمى هي اكبر مسبب للتلوث البيئي وان تفعيل الالتزام بحماية حق الانسان في بيئة سليمة يهدد مصالحها