مدونة .. أ. د. خالد عبد القادر منصور التومي
التَّخْبِيبُ بَيْنٌ الشَّرِيعةُ وَالقَانُون .. الجزء الأول
أ.د. خالد عبد القادر منصور التومي | Prof. Dr. Khaled A. Mansur Tumi
17/04/2023 القراءات: 998
التَّخْبِيبُ بَيْنٌ الشَّرِيعةُ وَالقَانُون،،،
بقلم: أ.د. خالد عبدالقادر منصور التومي،
التخبيب:
مُصطلح نَدر تداول ذكرهُ في المجتمعات المُسلمة؛ حيث قد يكون مُصطلح غير مفهوم بالنسبة للبعض، أو أنه مفهوم ولكن غير معلومةً أبعادهُ وخطورته، وهو أمر متعلق بالحياة الزوجية من حيث علاقة كُلاً من الزوج والزوجة وما يربطهُما من رباط مقدس وهو الزواج، والذي يُعد من أهم العلاقات الإنسانية السامية على الإطلاق، أو تخبيب عاملاً على سيده، وأفسده بأي نوعٍ من أنواع الإفساد؛ كأن يُزين له الإباق أو يُهيجه على سوء معاملته أو أيًا من أنواع إيقاع العداوة بينهما، أو حتى بين الأصدقاء والأقارب، والتي وردت أهميتها في الكتاب والسنة.
المعنى الاصطلاحي:
الإِفْسادُ والخِداعُ، والخِبُّ: الرَّجُلُ الخَدّاعُ، يُقالُ: خبَّبَ الشَّخصُ الشَّخصَ، أيْ: خَدَعَهُ، وأَفْسَدَهُ، وغَرَّرَ بِهِ، ويأْتي التَّخْبيبُ بِمَعنى الغِشِّ والتَّهْييجِ والإِسْراعِ
المعنى اللغوي:
المصدر (خبب) ومعناه إفساد الرجل لأمةً أو عبدًا مملوك لغيره، أو إفساد صديق لصديقه، حيث يُقال: خببها فأفسدها، كما يُقال: فلان خبب غلامي، أي: أفسده عليّ وخدعه، بينما الخُب؛ فيعني الخبث والفساد والغش وخلافه (الغر) الذي يعني من لا يفطن الشر ولا يقدر على القيام به.
وأما عن التعريف الشائع؛ للتخبيب فينصرف إلى إفساد العلاقة الزوجية بين الزوجين بحيث يقوم شخص بقلب الزوجة على زوجها، وفي مثال آخر تحريض العامل على سيده وقلبه ضده، حيث يتم قلب المرأة على زوجها من خلال تودد أجنبي لها وتقربه منها لكي يطلقها من ذلك الزوج ويتزوجها هو.
ولا يتوقف التخبيب في الحياة الزوجية على الرجل الأجنبي فقط، بل يمكن أن يقوم به أهل المرأة (الزوجة) فيخببونها على زوجها ويسعون إلى إفساد علاقتهما، وهو ما قد يرجع إلى أسباب مختلفة وعديدة تختلف من حالة إلى حالة أخرى، فقد أصبح يُمثل آفة تهدد استقرار الأُسر بشكل كبير، وبالتالي فإنها تؤثر سلبًا على استقرار المجتمعات.
إطلاقات المصطلح:
جذر الكلمة (خبب)؛ يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (تخْبِيب) في كِتابِ الشَّهادةِ عند الكَلامِ على حُكْمِ قَبولِ شَهادَةِ الصِّغارِ إذا دَخَلَ بَيْنَهُم شَخْصٌ كَبيرٌ يُمْكِنُهُ تَلْقِينُهُم الشَّهادَةَ على غَيْرِ وَجْهِها؛ بغرض إثبات وإظهار ضررًا في أصله زورًا. ويُطْلَقُ أيضاً في كِتابِ العِتْقِ، ويُرادُ بِهِ: إِفْسادُ العَبْدِ على سَيِّدِهِ.
الشرح المختصر:
هو سَعْيُ الرَّجُلِ أوالمرأةِ لإفْسادِ الـزوجةِ على زَوْجِها، وذلك بِأَنْ يُزَيِّنَ لها كَراهَةَ زَوْجِها، والخُروجَ عن طاعَتِهِ حتّى تُفارِقَهُ أو تبقى معه ناشزًا، ثُمَّ قد يَتَزَوَّجَها ذلك الرَّجُلُ المُفْسِدُ، أي المُفسد.
التخبيب في القرآن:
يُطابق المعنى الاصطلاحي الوارد في الشرع للمعنى الذي ورد في اللغة والمعاجم اللغوية عن التخبيب؛ فهو مُصطلح يشمل لمعاني الغش والخداع والفساد، ولكن إفساد المرأة على زوجها يُعد من أشر أنواع التخبيب في الدين والمجتمع، إذ يترتب عن القيام بها من عقوبة يوقعها الله تعالى على من يفعلها والتي تم وصفها بأن من يقوم بها هم مثلهم مثل السحرة واتباع للشيطان؛ استنادًا إلى قول الله سبحانه: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ (البقرة – 102).
يتبع.....
التخبيب، الإفساد، الغش
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة