مدونة حسين سالم مرجين


دعوة لتعزيز الممارسات الإيجابية لمفهوم الرجولة لدى الفتيات وفق منظومة النوع الاجتماعي"

حسين سالم مرجين | Hussein Salem Mrgin


19/03/2022 القراءات: 1852  


عقد يوم الخميس الموافق 17 مارس 2022م بجامعة اليرموك بالمملكة الأردنية الهاشمية ورشة عمل عن "تعزيز الممارسات الإيجابية لمفهوم الرجولة لدى الفتيات وفق منظومة النوع الاجتماعي" برعاية مركز الأميرة بسمة لدراسات المرأة، حيث وجهت لي دعوة المشاركة في هذه الفعالية من قبل الزميلة الدكتورة ناديا إبراهيم حياصات، حيث طرحت هذه الورشة عدد من الأفكار والتصورات المهمة حول دور المناط بالمرأة في المجتمع الأردني، فضلا عن أهمية تعزيز الممارسات الايجابية لقيم الرجولة، وهذا يعني ببساطة إن المشرفين على الورشة اتجهوا إلى البحث عن معالجة قضايا المرأة - خاصة فيما يتعلق بالعنف الموجه إليها- من خلال البحث عن قيم الرجولة " الايجابية" النابعة من القيم العقيدة الدينية، فضلا عن القيم الاجتماعية بغية تأطيرها وتأصيلها في المجتمع، وهذا الطرح الجديد في المعالجة يستحق كل التقدير، حيث أننا بحاجة إلى البحث عن آليات تفكير جديدة تعمل على فهم طبيعة المجتمعات العربية ومشكلاته، وتأطير الأفكار والمفاهيم بغية صياغة قواعد نظريات اجتماعية تشخص وتفسر وتعالج واقعنا ومشكلاته، مثلما هو الحال في النظريات الغربية، حيث تعلمنا بانه لا توجد مشكلات بدون حل، بل توجد مشاكلات مطروحة بطريقة خاطئة.
وحتى تُثير هذه المقالة خائنة الأعين وما تخفي النفوس فأنني أود طرح عدد من الملاحظات والتساؤلات وهي:
• كيف يمكن إعادة تعريف دور المرأة في المجتمع الأردني في مرحلة ما بعد كورونا ؟ .وهنا أجزم بأن تداعيات جائحة كورونا قد إعادت النظر في العلاقات والأدوار الاجتماعية، حيث لم نعد بعدها كما كنا قبلها.
• أجزم بأن الأدوار الاجتماعية للرجل أو المرأة في المنطقة العربية مرتبطة إلى حد كبير بالتصورات والإدراكات والمسلمات المترسخة في عقول أفراد المجتمع العربي، وهذه الذاكرة المتراكمة قد تكون حاجزا في كشف وتشخيص مشكلات العنف ضد المرأة أو معالجتها، فالصمت اتجاه هذه المشكلات قد يكون وسيلة الإفلات من السخرية أو العقوبة المجتمعية، فالقيم الاجتماعية في مجتمعنا تقول لنا بأن تلك المشكلات هي امتحان، دواؤها الصبر، ورضى بها شفاء.
• تعمل هذه الذاكرة المتراكمة على اقناع أفراد المجتمع بان هذه الأدوار الاجتماعية هي جزءً من السيرورة الاجتماعية، بالتالي الخروج عن هذه الادراكات والمسلمات التي ألفناها يتطلب مرانا من نوع مختلف، ودُربة تتجاوز المألوف.
• تلك الإدراكات والتصورات تجعل الفرد في المجتمع يتحلى بالطاعة العمياء اتجاهها وينصاع لتلك الأوامر أي ( الإدراكات والتصورات) فهي الجهة الحاكمة؛ كونها تحمل في طياتها فرض الإرادة على الجميع، أي أنها تمتلك القوة والقدرة على تنفيذ تلك التصورات والإداركات في المجتمع وبشكل طوعي، وهذا يعني من ناحية أخرى وجود مخاوف وأخطار إذا ما تم الخروج عليها، وقد تسفر عنها عقوبات مجتمعية قد تصل إلى النبذ والعزلة والأقصاء الاجتماعي، ومنع الاختلاط، والزواج ...إلخ، وهذه العقوبات لها تأثيرات أليمة على أفراد المجتمع، بالتالي يتحاشى الجميع الخروج عن دائرة الإدراكات والتصورات.
• وهذا ما اسماه ابن خلدون بالتسليم والانقياد، فضلًا عن أصباغ تلك الإدراكات والتصورات ببعض التفسيرات وتأويلات الدينية بما يعزز استمرار تلك الهيمنة، وهذا البعد وهو الديني يتسم بكونه ثابت لا يتغير، بالتالي استمرار الاحترام والانصياع لتلك الإدراكات ربما يكون اعتقاد البعض بكونها نابعة من القيم الدينية، وهذا البعد هو آلة حكم قوية يصعب تجاوزها في مجتمعات العربية،وهذا الأمر هو الذي جعل القيادات السياسية في بعض الدول العربية تستعين برجال الدين من أجل القيام بمراجعة وتصحيح بعض تلك الإدراكات.
• لاتزال التنشئة الاجتماعية في المجتمع العربي تعمل وفقا أطر جامدة، وقوالب أبوية، يُعد فيها إعادة إنتاج تلك الأطر والقوالب، في ظل استمرار حالات من الانغلاق، دون أن تكون تلك التنشئة قادرة على إنتاج الاختلاف أو تجاوزه
• تبرز الحاجة إلى القيام بمحاولة تفكيكية قد تساعدنا على رؤية الوقائع المجتمعية بشكل أفضل، أي مراجعات نقدية لتلك التصورات والإداركات، لنبحث عن إجابات عن مشكلات العنف ضد المرأة، وإعادة تعريف دورها في المجتمع، وصولا إلى أن تكون تلك الاجابات مرتبطة بالبيئة والظروف والوقائع المجتمعية الخاصة بها، ومعني هذا ببساطة شديدة هناك حاجة إلى طرح تساؤلات تخص واقعنا المجتمعي المعاش، وليس أسئلة وإجابات غيرنا!.
• قد يكون مفيدا أن نشير إلى أن بعض القيم الاجتماعية اتجاه أدوار المرأة تعاني من الانحراف، وهي بالتالي بحاجة إلى إعادة الاستقامة.
• إن النظرة العميقة خلف حالات عنف ضد المرأة ربما ستكشف لنا أيضًا حالات من العنف الموجه ضد الرجل، لكنه واقع مجتمعي غير مرئي، قد تكون معلومة مقتضبة ولكنها أقرب للواقع المسكوت عنه، وهذا قد يعني خضمان بغى بعضهم على بعض.
• تبرز الحاجة إلى تحديد النموذج المراد الوصول إليه في مسألة تمكين المرأة في المجتمع، وهذا يعني تحديد معايير التمكين ومؤشراته.
عموما هذه في عجالة أهم الملاحظات والتساؤلات، ونختم هذه المقالة بالإشارة إلى أن هذه الورشة تشكل دعوة إلى إعادة رسم خطوط العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع الأردني لتبدو العلاقات والأدوار أكثر وضوحا من خلال إشعاع علاقات الحب والود بين الطرفين وتفعيل القيم الدينية والقيم الاجتماعية الإيجابية، والبحث عن المشتركات التي تجمع لا تفرق.


النوع الاجتماعي - العنف ضد المرأة - القيم الاجتماعية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع