مدونة ا.د سلوان كمال جميل العاني


علوم اسسها العرب - كلمة ملتقى باحثي منصة أريد في اوربا، يوم الاحد الموافق 31 تموز/ يوليو 2022م

ا.د سلوان كمال جميل العاني | Prof.Salwan K.J.Al-Ani (Ph.D) FInstP


05/08/2022 القراءات: 2509   الملف المرفق


لقد كان العرب المسلمين سباقين في تحقيق الإنجازات الطبية التي استفادت منها البشرية، و درسوا بعض الأمراض العصبية وعالجوها، وعرفوا كثيرا من الحقائق النفسية والمرضية عن طريق التحليل النفسي، وتميز الاطباء العرب المسلمون بالتشخيص الدقيق لمرضاهم ، واكتشفوا أدوية جديدة لعلاج كثير من الأمراض.
كما أسس العرب عدة علوم منها الاجتماع، الارصاد الجوية، تحليل الشفرات، تحليل التكرار، الفلسفة العربية، الروبوتات، البصريات، الاحصاء، التفاضل والتكامل، حفظ الصحة، الكحالة، الصيدلة، النبات، الجراحة، الكيمياء، الانحراف الوراثي ، الجبر، النحو العربي، العروض، البديع.
وكان المسلمين متفوقين فلسفيًا واقتصاديًا على الأوروبيين الغربيين بين القرنين التاسع والحادي عشر. وفي تلك العصور تم إنشاء الجامعات في المدن الرئيسة كما تم تجهيز أكثر من 24 مرصدا أو معهدا متخصصا مدعوما بأحدث الأجهزة في أماكن متعددة من الإمبراطورية الاسلامية، ووظفت هذه المراصد ثلة من أكثر العلماء والمهندسين البارزين مما جعلها مؤهلة لأن تصبح معاهد تقنية كما توصف بلغة العصر الحديث. كما ازدهرت تجارة الكتب وأنشئت معاهد البحث وقدم الخلفاء الدعم المالي للباحثين، وكان من الواضح أن عرب القرون الوسطى امتلكوا موهبة عظيمة وتوجهات كبيرة للإمساك بزمام أي مجال من مجالات العلوم والتقنية في عهدهم.
واستفادت اوربا من تلك العلوم في عصر النهضة مابين القرنين 14 و17 الميلادي التي انطلقت من إيطاليا في نهايات العصور الوسطى، ثم توسعت الى أنحاء أوروبا، مستفيدة من ظهور عدة اختراعات مثل الطباعة والورق في بناء البنيان المعرفي في الغرب والعالم الإسلامي، وساهم في ذلك علماء في ميدان التعليم، وفي مجال الرسم، والهندسة المعمارية وبقية الاكتشافات الجغرافية والاقتصادية .
والسؤال لماذا تقدم الغرب وتأخر المسلمون؟
وتؤكد الدراسات انه خلال العصر الذهبي للاقتصاد والعلم، بين القرنين الثامن والحادي عشر، كان للمسلمين تجار وعلماء منتجون، ولم يكن لدى أوروبا الغربية تجار فاعلون أو علماء.
وخلَقَ وجود هؤلاء التجار النشيطين والعلماء المستقلين بيئة فكرية نابضة بالحياة في العالم الإسلامي، وقدم الفلاسفة المسلمون مساهمات كبيرة في مختلف المجالات، مثل الرياضيات والبصريات والطب. كما قاد التجار المسلمون الازدهار التجاري والزراعي، وابتكروا أدوات اقتصادية مثل الشيك والكمبيالة.
حيث ان الإسلام كان تاريخيًا متوافقًا تمامًا مع التنمية، وعندما بدأ الاستعمار أواخر القرن الثامن عشر، كان العالم الإسلامي يعاني بالفعل من ركود علمي واقتصادي بسبب تهميش المثقفين والعلماء والتجار.
ويذكر ان الأوروبيون الغربيون استخدموا خلال القرن الخامس عشر إلى الثامن عشر المطبعة والبوصلة البحرية والبارود في تطوراتهم العلمية والجغرافية والعسكرية بينما استخدمت الامبراطوريات الاسلامية البارود فقط وأهملت التطورات العلمية والجغرافية. ولم يطبع المسلمون كتابًا واحدًا من عام 1455، عندما طُبع أول كتاب أوروبي، حتى العام 1729، حيث طُبع أول كتاب عثماني.
وتشير الدراسات الحديثة لطبع الأوروبيون الغربيون مليار كتاب في القرن الثامن عشر، بينما طبع العثمانيون 50 ألف كتاب فقط نتيجة لذلك، بحلول عام 1800، وصل المعدل التقديري لمحو الأمية إلى 31% في أوروبا الغربية، مقارنة بنسبة 1% فقط في الإمبراطورية العثمانية. واستمرت فجوة الأمية في الاتساع إلى حد كبير بين الدول الغربية والدول الاسلامية حتى اليوم.

ومن جانب اخر يصنف البحث العلمي في الدول العربية والإسلامية بانه في مرحلة الطفولة، كما أنه يعاني من ضعف الإنفاق العلمي، في حين تحتل الدول العربية المراكز الأولى في مجال الإنفاق على الأسلحة. ففي الوقت الذي ينفق فيه العرب نحو ستمئة مليار دولار على الأسلحة وفقا لعدة إحصائيات، فإن حجم الإنفاق على البحث العلمي لا يتجاوز ستين مليون دولار في كل الوطن العربي.
وعلى سبيل المثال فإن تكلفة ما صرفته الجامعات العربية على البحث العلمي طيلة خمسين سنة هو 2.5 مليار دولار، بينما صرفت جامعة إلينوي الامريكية على البحث العلمي خلال عام واحد 1.5 مليار دولار. فما زال العرب يتعاملون مع البحث العلمي على أنه نوع من الترف والرفاهية، بينما ينظر العالم المتقدم علميا إليه على أنه المستقبل.
هناك صعوبات ومعوقات متعددة تعيق البحث العلمي العربي، من أهمها: عدم توفير البنية التحتية اللازمة للبحث العلمي، فهناك نقص واضح في الأجهزة العلمية مثل المختبرات والأجهزة العلمية المتطورة، ويرافقه غياب للتقنيين وقلة عدد الباحثين والمختصين وضعف الفرق البحثية . وتعاني المكتبات من نقص في المراجع والدوريات العلمية ودور النشر، بالاضافة لضعف تبادل المعلومات بين المكتبات العربية والعالمية وعدم توفير مناخ علمي نزيه ذي حرية أكاديمية وسياسية بعيد عن الروتينيات وخالٍ من تأثير الواسطة أو القرابة أو الرشوة في الاستحقاقات والوظائف مما يؤدي إلى هجرة الأدمغة العربية إلى الدول الصناعية المتقدمة .
وهناك أسباب أخرى منها غياب السياسات والإستراتيجيات العلمية الوطنية الواضحة، وعدم وجود علاقة ترابط وطيدة بين مراكز البحث العلمي والوحدات الإنتاجية، وغياب القطاع الخاص عن المساهمة في الإنتاج العلمي، وعدم وجود إستراتيجية لتسويق أبحاث الجامعات وابتعاد الجامعات عن إجراء البحوث المساهمة في حلِّ المشكلات الوطنية.
ولكي يستعيد العرب إسهاماتهم في مجال العلوم والابتكار عليهم حل مشاكل وصعوبات ومعوقات البحث العلمي .
ومن الضروري الاستفادة من الخبرات العربية الموجودة في الخارج ومنها دول اوربا التي يصل عدد اعضاءها الـ 2000 باحث، وذلك لدعم برامج منصة أريد العلمية وتعزيز بيئة البحث العلمي والمساهمة في نشر الابحاث العلمية في مجلاتها الدولية المحّكمة، والمجالات العلمية والتعليمية الاخرى التي تقدمها المنصة مما يسهم في رفع قدرات الباحثين، وان تنقل هذه الكفاءات خبراتها وتجارب دولهم الى الباحثين واعضاء هيئة التدريس في الجامعات والمراكز البحثية العربية.



تفوق المسلمين، الطب، الادوية، العلوم ، الكتب، الجامعات، عصر النهضة، تهميش العلماء، البحث العلمي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع