مدونة د. السيد علي السيد


الأصول الاقتصادية للتربية، واقتصاديات التعليم: هناك فرق ! أ.د/ سعيد إسماعيل علي

د. السيد علي السيد | Dr. El - Sayed Ali El - Sayed Gommaa


05/11/2020 القراءات: 2754  


عندما شهدت الساحة تقدما ملحوظا فى النظر إلى التعليم باعتباره استثمارا، بعد أن استقر الرأى العام قرونا على النظر إليه باعتباره " خدمة" ، زاد الوعى بالعروة الوثقى بين التعليم والاقتصاد، حيث جاءت الخطوات الكبرى الأساسية من ناحية علماء اقتصاد كبار .
وقد ترتب على هذا بروز مصطلح جديد بعنوان ( اقتصاديات التعليم )، وكان أول من كتب فيه ، الدكتور حامد عمار، فضلا عن دراسة مجهولة من قبل المهتمين قام بها الدكتور محمد أحمد الغنام عن ( تطور العلاقة بين الاقتصاد والتعليم) نشرتها مجلة كانت تصدر عن الجامعة الأمريكية باسم ( التربية الحديثة)..وعندى نسخة منها..
وعندما تم التوحيد بين تربية المنيرة، ومعلمين روكسى عام 1971، انتهز الدكتور محمد الهادى عفيفى، أول رئيس لقسم أصول التربية بالوحدة الجديدة، الفرصة ليدخل مقررا بالدراسات العليا، لأول مرة ، باسم ( اقتصاديات التعليم )..
لكن الأمر العلمى لم يستقم للإخوة الذين ساروا عندنا على هذا الطريق، بتصور ألا فرق بين (الأصول الاقتصادية للتربية)، و(اقتصاديات التعليم)، بينما التدقيق اللغوى والفلسفى، والعلمى ينبئ بأن ثمة فرقا خطيرا..
إن المستقرئين لتطور المعرفة العلمية على وجه العموم، يدركون أنه، رغم ما فرضه "الانشطار المعرفى" بين عدد كبير من العلوم، فهناك أحيانا نقاط تماس، قد لا يدركها البعض، فيقع اللبس، وتصبح الحدود بين بعض العلوم- كما فى السياسة- مثار نزاع..وأحيانا ,,يصل الأمر إلى حد "التعدى" باسم العلم ..
وقد يتصور البعض ألا حق لى فى التحدث فى هذا الشأن، حيث أنه بعيد عن تخصصى..وهو الأمر الذى فندته فى مناسبات سابقة، ومع ذلك، فمضطر إلى إعادة القول فيه، حيث قمت بتدريس هذا المقرر للدبلوم الخاص، بتربية عين شمس، فصلين دراسيين، ربما عام 1981.
ومن قبل، ولمدة ست فصول دراسية، قمت بدريسه لطلاب الماجستير بتربية مكة، من 1975- 1978.
طبعًا، فضلاً عن فحص الإنتاج العلمى لكل من تقدموا لدرجة استاذ مساعد، واستاذ، منذ أوائل الثمانينيات، ربما إلى أواخر القرن..
إن (اقتصاديات التعليم)، هو أقرب إلى علوم كليات التجارة والاقتصاد، خاصة وأن دراسته تتطلب دراسات فى الرياضة المالية، والمحاسبة، وإدارة الأعمال، وعلم الاقتصاد، وهذا مفتقد فى كليات التربية..
ومن هنا توجب الأمانة العلمية على أبنائنا فى أقسام أصول التربية أن يحسنوا التمييز بين "الأصول الاقتصادية للتعليم"، و"اقتصاديات التعليم"، وأن الساحة الملائمة لهم هى الأولى لا الثانية..
فالأصول الاقتصادية للتعليم تعنى – ضمن ما تعنى – دراسة العلاقة الجدلية بين الاقتصاد والتعليم:
- فماذا يكون عليه التعليم عندما يكون الاقتصاد حرا؟
- وماذا يكون عليه حاله عندما يكون موجها؟
- وما أثر مشكلات التضخم والديون؟
- وما أثر قوى الإنتاج وعلاقاته، من حيث مستوى تطورها؟
- وماذا يتطلب الاقتصاد القائم على الزراعة، وهذا الذى يقوم على الصناعة؟
- وما دور التعليم فى تكوين وتدريب القوى الفنية العاملة؟
...إلى آخر ما يشبه هذا وذاك من مسائل وقضايا.
أما اقتصاديات التعليم، فهى التى تتناول جسم التعليم نفسه، من جوانبه الاقتصادية: فنظام التعليم، بحكم احتياجاته من القوى البشرية المؤهلة لإدارته: وطلاب ومعلمين، وأبنية، وتجهيزات وامتحانات، يحتاج إلى إنفاق يسد تكلفة كل هذا وغيره، والإنفاق يتطلب أقل تقدير ممكن، بأعلى مستوى ممكن من النتائج، فكيف يتم تمويل التعليم؟ وما الأسس التى توضع عليها الميزانيات وتوزع؟ وما تكلفة تعليم الطالب؟ والامتحانات؟ والتجهيزات؟ وما العوائد الاقتصادية التى تعود علينا من هذا وذاك، وبخاصة عملية التعليم، وما جوانب الهدر والفقد؟...إلى غير هذا وذاك من مسائل وقضايا مشابهة.
لو أن التربويين التفتوا إلى هذا ، لبرزت بحوث ودراسات، مفروض أن يقوم بها التربويون، لا الاقتصاديون، مثل: اقتصاديات كل من : الكتاب المدرسى- الامتحانات- إدارة الوقت فى مؤسسات التعليم المختلفة.. ماذا تكلف الدروس الخصوصية الأسر المصرية؟ ..
وهكذا، بدلاً من مزاحمة علماء الاقتصاد فى مجالات لا نملك الإعداد العلمى المتخصص لها، لجودة اقتحامها، فليكن فيما نقترحه، حتى يشعر القارئ أن هناك فارقا بين ما يتناوله (الباحث التربوى)، وما يتناوله (الباحث الاقتصادى)..
ألا ، هل بلّغت؟ اللهم فاشهد..


الأصول الاقتصادية للتعليم - اقتصاديات التعليم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع