مدونة بكاري مختار


الحاجة إلى التحوّل الأزرق

د/ بكاري مختار | Dr. BEKKARI mokhtar


04/01/2023 القراءات: 386  


ما الحاجة إلى التحوّل الأزرق؟
في العقود الأخيرة، أدى وضع السياسات والابتكار في القطاعين العام والخاص وزيادة الاستهلاك إلى حدوث تطور كبير في نظم الأغذية المائية. وفي السنوات الخمس والعشرين التي أعقبت التصديق على مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد، ظلّ إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية مستقرًا، ولكن زاد إنتاج تربية الأحياء المائية بنسبة 250 في المائة، ما مكّن القطاع من تلبية الزيادة في الطلب على الأغذية المائية واستهلاكها الذي ارتفع إلى 20.5 كيلوغرامات للفرد الواحد سنويًا (معدل نمو يبلغ ضعف معدل نمو سكان العالم). ويعني دمج الأغذية المائية في سلاسل التوريد العالمية والإقليمية أنّ قيمة تجارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية هي الآن أعلى بنسبة 200 في المائة عما كانت عليه في عام 1995، وأن صافي قيمة التجارة (الصادرات مطروحًا منها الواردات) لمنتجات الأغذية المائية من قِبل البلدان غير مرتفعة الدخل أكبر من جميع المنتجات الغذائية الأخرى مجتمعة.

وإن التحوّل الأزرق هو جهد يهدف إلى تعزيز النُهج المبتكرة التي توسّع مساهمة نظم الأغذية المائية في الأمن الغذائي والتغذية والنظم الغذائية الصحية الميسورة الكلفة. ويتطلب تحقيق أهداف التحوّل الأزرق نُهجًا شاملة وقابلة للتكيّف تأخذ في الاعتبار التفاعل المعقّد بين المكونات العالمية والمحلية في النظم الغذائية وتدعم تدخلات أصحاب المصلحة المتعددين لتأمين سبل العيش وتعزيزها، وتعزيز التوزيع العادل للمنافع، وضمان الاستخدام الملائم للتنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية والحفاظ عليها.

ويمكن لنظم الأغذية المائية أن تحقق، من خلال التحوّل الأزرق، ما يلي:

◂دعم توفير الأغذية المائية الكافية للعدد المتنامي من السكان بطريقة مستدامة بيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا؛

◂وضمان توافر الأغذية المائية الآمنة والمغذية وإمكانية الوصول إليها للجميع، لا سيما الفئات السكانية الأكثر ضعفًا، والحد من الفاقد والمهدر من الأغذية؛

◂وضمان مساهمة نظم الأغذية المائية في تحسين حقوق المجتمعات التي تعتمد عليها ومداخيلها لتحقيق سبل عيش عادلة؛

◂ودعم القدرة على الصمود في نظم الأغذية المائية، التي تتأثر بشدة بالعمليات البشرية والبيئية الديناميكية، بما في ذلك بسبب تغيّر المناخ.

أهداف التحوّل الأزرق
للتحوّل الأزرق ثلاثة أهداف رئيسية هي:

1– التوسّع والتكثيف المستدامين في تربية الأحياء المائية – لدعم أهداف الأمن الغذائي العالمي وتلبية الطلب العالمي على الأغذية المائية المغذية إلى جانب التوزيع العادل للمنافع؛

2– والإدارة الفعالة لمجمل مصايد الأسماك – لتوفير مخزونات صحية وتأمين سبل العيش؛

3– وسلاسل القيمة المحسّنة – لضمان الجدوى الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لنظم الأغذية المائية، ونتائج غذائية آمنة.

وفي السنوات العشر القادمة، يجدر بتربية الأحياء المائية أن تتوسّع على نحو مستدام لسدّ الفجوة في الطلب العالمي على الأغذية المائية، خاصة في مناطق العجز الغذائي، مع توليد مصادر جديدة للدخل والعمالة أو تأمين تلك الموجودة أصلًا. ويتطلب ذلك تحديث إدارة تربية الأحياء المائية من خلال تعزيز التخطيط والأطر والسياسات القانونية والمؤسسية المحسّنة. ويجب أن تركز منظمة الأغذية والزراعة وشركاؤها على الطلب العاجل لتطوير ونقل التقنيات المبتكرة وأفضل الممارسات لتوليد عمليات فعالة وقادرة على الصمود ومستدامة. وينطبق التحوّل المستمر لتربية الأحياء المائية على معظم المناطق ولكنه بالغ الأهمية بشكل خاص في المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي؛ ويتمثل الهدف في زيادة الإنتاج العالمي بنسبة تتراوح بين 35 و40 في المائة بحلول عام 2030، وفقًا للسياقات الوطنية والإقليمية.

وتُعدّ الإدارة الفعالة لجميع مصايد الأسماك هدفًا غير قابل للتفاوض بشأن التحوّل الأزرق. وحيثما توجد إدارة فعالة، تمت إعادة بناء موارد مصايد الأسماك وأصبحت مستدامة بشكل متزايد. ولتحقيق هذا الهدف، يجب على منظمة الأغذية والزراعة وشركائها أن تطبّق نظم فعالة لإدارة مصايد الأسماك التي تعمل على إعادة النظم الإيكولوجية إلى حالة صحية ومنتجة، وأن تتقاسمها مع الغير، وأن تدير في الوقت نفسه الموارد المستغلة ضمن حدود النظام الإيكولوجي. وتشمل الإجراءات لتحقيق هذا الهدف بناء القدرة العالمية على جمع البيانات وتحليلها وتقييمها بانتظام، ما يدعم اتخاذ القرارات والنظر في المقايضات، لا سيما في المناطق التي تتوافر عنها بيانات محدودة تضعف فيها القدرات. ويعمل هذا الهدف أيضًا على تعزيز النتائج الاجتماعية، وتطبيق الإجراءات والمبادرات التي تعزز سبل العيش العادلة، ونظم الإدارة المشتركة، ما يضمن وصول صغار المنتجين إلى الموارد والخدمات.

وتعمل الجهات الفاعلة العامة والخاصة، بما في ذلك المستهلكون، من خلال سلاسل القيمة المحسّنة على الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية، وتعزيز الشفافية، وتحسين الوصول إلى الأسواق المربحة، واعتماد الأدوات الرقمية الناشئة. وتتبنى الجهات الفاعلة في سلسلة قيمة الأغذية المائية بشكل متزايد هذه الممارسات التي شهدت توسعًا واستيعابًا أكبر بسبب التحديات التي تمثّلها جائحة كوفيد–19. كما تضيف سلاسل القيمة المحسّنة وتخلق قيمة لاستخراج المزيد من الثروة والأغذية من القدرة الإنتاجية للقطاع. كما أن الترويج للنظم الغذائية الصحية بطريقة شاملة أمر بالغ الأهمية ويتطلب برامج ومبادرات تعمل على تحسين وعي المستهلك وزيادة توافر أغذية مائية صحية وآمنة ومغذية، بما في ذلك في المناطق التي تعاني من الأمن الغذائي والتغذوي المنخفض.


التحوّل الأزرق، الثروة المائية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع