موجز في الفلسفة الجمالية الاسلامية
د.صبا قيس الياسري | DR.SABA QAIS ALYASIRI
26/11/2022 القراءات: 633
الفلسفة الاسلامية
إن أســـس الفلسفة الإسلامية رسخت بعد نزول القرآن الكريم و تيار الفلسفة اليونانية لم يكن سوى رافد اندفع ليلتقي مع المجرى الكبير وحتمية التأثير الثقافي المتبادل كنتيجة للتجاور المكاني والتماس الحضاري في هذه المنطقة، وما إقبال المسلمين على التراث اليوناني و استعراض قضاياه الا مقارنة بأسلوب المتعلم ، فرفضوا ما يتعارض منه مع الدين، وقبلوا ما لا يناقض العقيدة ويتلخص الموقف في إن المسلمين قد تدرجوا في طلب المعرفة منذ بداية عهدهم بالتحضر، فأقبلوا في صدر الإسلام على علوم القرآن والسنة، وحذقوا في مباحثها وتطرقوا إلى الإحكام الفقهية والى مناقشة قضايا الدين، فنشأ علم الفقه، وكذلك نشأ علم الكلام ثم تعمق المسلمون في مشكلات وإحكام الدين فنشأ علم أصول الكلام، وكذلك توصل المسلمون بدون عون خارجي الى استنباط الإحكام الجمالية وبلغوا مبلغ الكمال والنضج ، فترجموا فلسفة اليونان واقبلوا على دراستها وتفهم مشاكلها محاولين التوفيق بينها وبين الدين الاسلامي ، فهم لم يطلبوا الفلسفة إلا في فترة كانوا قد وصلوا فيها من الناحية العقلية إلى مستوى هذا التراث الفلسفي وإلا فكيف لهم التعامل مع هذه الفلسفة العميقة إذ لم يكونوا بمكانه من النضج العقلي وقدرة الاستيعاب والتمييز ، وفي النهاية فان المسلمين مثل غيرهم من الشعوب قد مروا بادوار تصاعدية للنضج العقلي. فاليونان والهنود والفرس مروا بهذه الأدوار حتى وصلوا إلى ما هم عليه، وان تبادل الحضارات هو شيء طبيعي وهو سنة الحياة.
أن لكل إنسان رؤية وردود فعل حول الجمال كمفهوم، والجمال كانطباع تجاه أشياء مادية وروحية مختلفة يتذوق جمالها عقلياً، تترك في نفسه إحساساً بالبهجة والارتباك والنشوى والدهشة فهو المقياس، الذي يحدد جمال المادة، التي تترك لدى المتلقي، الانطباع والإحساس بالبهجة، سواء كان عن طريق التأمل العقلي أو السمع أو النظر أو التذوق ، ولكي يكون لدى كل إنسان إحساساً جمالياً راقياً، يتطلّب تربية للذوق الفني والجمالي لدى الإنسان وقد كان لفلاسفة الإسلام مفاهيم في الجمال، وإن أشهر هذه المفاهيم التي لعبت دوراً مهما في النظرية الجمالية عندهم، هو مفهوم التناسق وقد لقيّ مفهوم التناسق الكوني الذي ظهر عند الفيثاغوريين تأثيراً لدى الفلاسفة المسلمين، وخصوصاً عند أخوان الصفا.الذين طوروا مفهوم التناسق بشكل يتفق مع بحثهم حول نظريات الموسيقى ، كما استفادوا من أراء أفلاطون المثالية، الذي يرى أن الجمال من مكونات الشيء الجميل، أي أن له في نفسه قيمة ذاتية، وأرسطو الذي يعتقد إن الجمال هو الانسجام الحاصل من خلال وحدة تجمع في داخلها التنوع والاختلاف في كل منسجم، وأفلوطين يعتقد إن الجمال هو تلك الحياة التي وهبها الله مخلوقاته ونفخ فيها من روحه، ومن ثم فالشيء الجميل هو الذي يشع بالحياة ، كل تلك المفاهيم انصهرت في المكون الفلسفي الاسلامي .
جمالية ، الفكر ، المعرفة ، الاسلام
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة