مدونة رائد محمد حلس


المشاريع الصغيرة النسوية في قطاع غزة تحت وطأة الحصار والعدوان

د. رائد محمد حلس | Dr-Raid Mohammed Helles


26/07/2021 القراءات: 2999  



منذ اللحظة الأولي لاشتعال فتيل العدوان الأخير على قطاع غزة مايو / أيار 2021 أنه استهدف شل كافة إمكانيات التنمية في قطاعاتها المختلفة وكذلك تدمير البنية التحتية والمرافق الحيوية في مختلف مناطق قطاع غزة ، إذ لم تبق منطقة أو منشأة أو طريق أو مرفأ وحتى التجمعات والمجمعات السكنية والصحية والتربوية والاجتماعية والتعليمية والرياضية إلا وتعرضت للقصف والتدمير ، الذي خلف بدوره مأساة كبيرة جعلت قطاع غزة منطقة تعيش أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، وحيث تعرض قطاع غزة على مدار 11 يوم إلى عدوان إسرائيلي شرس وضروس أدي إلى تدمير عناصر البنية التحتية لقطاع الخدمات العامة حيث تم تدمير العديد من شبكات الصرف الصحي وشبكات الطرق وآبار المياه وتدمير مباني المؤسسات العامة والحكومية والمنازل والأبراج السكنية والجمعيات والممتلكات الخاصة والمنشآت الاقتصادية (محال تجارية وشركات ومصانع ومخازن) والأراضي الزراعية والمؤسسات الصحية والمؤسسات التعليمية والإعلامية والرياضية والمساجد والمقابر وتحول قطاع غزة وشوارعه إلى أكوام من الدمار والركام، ونتج عن ذلك أضرار وخسائر مادية فادحة وبحسب االتقديرات فقد بلغت إجمالي خسائر وأضرار القطاعات كافة بنحو 479 مليون دولار بواقع 292 مليون دولار أضرار مباشرة لقطاع الإسكان والبنية التحتية (الإسكان، المنشآت العامة والمباني الحكومية، النقل والمواصلات، الكهرباء والطاقة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الطرق، المياه والصرف الصحي، المرافق البلدية والحكم المحلي)، و156 مليون دولار أضرار مباشرة لقطاع التنمية الاقتصادية (مرافق اقتصادية، مرافق سياحية، مرافق زراعية)، و30 مليون دولار أضرار مباشرة لقطاع التنمية الاجتماعية (مؤسسات الصحة، مؤسسات الحماية الاجتماعية، مؤسسات التعليم، المؤسسات الثقافية والرياضية والدينية والمجتمع المدني). ويأتي هذا العدوان في ظل استمرار سياسة الحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة للعام الخامس عشر على التوالي ، والذي عاش خلاله ولا يزال سكان القطاع أوضاعا قاسية ، نجمت عن استمرار فرض القيود على كافة المعابر الحدودية للقطاع ، وأثرت بشكل أساسي على مجمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية لسكان القطاع ، ومست المتطلبات اللازمة للحياة اليومية وكافة الاحتياجات الأساسية ، وأعاقت خطط التنمية المختلفة لكافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية وغيرها. ولم تكن المشاريع الصغيرة وبخاصة المشاريع الصغيرة النسوية بمنأى عن تداعيات الحصار والعدوان، فقد أثّر كلا من الحصار والعدوان سلبًا على المشاريع الصغيرة النسوية سواء من خلال المشاريع التي تعرضت للتدمير المباشر خلال العدوان مثل المنشأت والمحلات التجارية التي يملكها نساء أو من خلال الأضرار والخسائر غير المباشرة التي تكبدتها المشاريع أثناء توقف العمل خلال العدوان وبعده من خلال تشديد الحصار على القطاع وفرض قيود مشددة على دخول وخروج البضائع والسلع والذي يحد من فرصة نجاح المشاريع ويقتلها في مهدها، ويكبح الرغبة في تطوير مشاريعهم، وينعكس أيضًا بالسلب على قدرات النساء و تحديدًا الاقبال على انشاء مثل هذه المشاريع التي تؤسس لبناء اقتصاد وطني. وبالإضافة إلى انعكاس ذلك على الأوضاع الاقتصادية المتردية أصلًا في قطاع غزة بفعل سنوات الحصار والاعتداءات المتكررة وتسببت في زيادة معدلات البطالة ووصولها إلى معدلات غير مسبوقة على مستوى العالم وبخاصة في صفوف النساء واتساع دائرة الفقر ، وبالتالي فإن تردي الأوضاع الاقتصادية، يترتب عليه انخفاض مستوى الدخل وانخفاض مستوى المعيشة وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، الأمر الذي يؤدي في الكثير من الأحيان إلى فشل المشاريع ويحد من فرص نجاحها بسبب انخفاض المبيعات من جهة وعدم قدرة على التسويق والترويج لمنتجاتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية من جهة أخرى. وعلى الرغم من الآثار القاسية التي تركها كلا من الحصار والعدوان على المشاريع الصغيرة وبخاصة المشاريع الصغيرة النسوية، تظل هذه المشاريع المدخل لتحقيق التنمية الاقتصادية كونها أحد الأدوات الهامة للتخفيف من حدة البطالة والفقر لما تلعبه من دور هام في توظيف وتشغيل الأيدي العاملة، لذلك لا بد من التوجه نحو دعم المشاريع الصغيرة النسوية، وإعطاء فرص لتعزيز قدرات النساء وتحسين سبل العيش والتخفيف من حدة البطالة. وهذا التوجه بحاجة إلى دور من كافة الأطراف ذات العلاقة (النساء والحكومة والقطاع الخاص)، حيث يتمثل دور النساء في اختيار المشاريع الريادية الخلاقة ذات الجدوى الاقتصادية، ويتمثل دور الحكومة في الضغط على المجتمع الدولي للضغط على "إسرائيل" لإنهاء الحصار على غزة وفتح المعابر ومنح حرية الحركة للأفراد والبضائع دون قيود أو شروط ، والعمل على إيجاد منافذ جديدة تسمح بتقليص أثر الإجراءات الإسرائيلية على بيئة الأعمال في الأراضي الفلسطينية وتحديدًا في مجال توفير المواد الخام والتسويق من خلال استغلال الأسواق الخارجية وتحديدًا التوجه نحو العمق العربي لتفعيل قرارات القمة العربية عام 2000 فيما يخص دعم الاقتصاد الفلسطيني لا سيما الامتيازات الممنوحة للمنتج الفلسطيني، وكذلك الاستفادة من الاتفاقيات التجارية التي أبرمتها السلطة الفلسطينية مع العديد من دول العالم والتي من خلالها يمكن إتاحة الفرصة لنفاذ منتجات وسلع المشاريع الصغيرة النسوية إلى الأسواق الخارجية، وكذلك تقديم الدعم الحكومي اللازم لتشجيع المشاريع النسائية من خلال تخصيص بند في الموازنة العامة لمشاريع الفئات غير المقتدرة وخاصة النسائية، ودعم المبادرات الإبداعية وتقديم إعفاءات ضريبية للمشاريع التي تقام في المناطق المهمشة والتي تملكها النساء وتشغل أكثر من 5 فتيات، ويتمثل دور القطاع الخاص وتحديدًا القطاع المصرفي ومؤسسات الإقراض المتخصصة تقديم تسهيلات مصرفية لفترات طويلة وبدون فوائد للمشاريع النسوية الإبداعية.


المشاريع الصغيرة - المشاريع النسوية - الحصار - العدوان - قطاع غزة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع