مدونة سيف بن سعيد العزري


هل تستحق الأمّ أجرة على إرضاعها لولدها؟.

سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI


23/03/2022 القراءات: 1072  


عُرضت عليّ دعوى أحوالٍ شخصيّة عندما كنت قاضياً في المحكمة الابتدائية بنزوى بسلطنة عمان، كانت تتضمّن طلباً بأجرة الإرضاع، فكان الحكم – بفضل الله تعالى – نتاج بحث حول ذلك، وخلاصته، "من المقرّر قضاء أنّ العبرة في الدعوى بالطلبات الأخيرة، فإنّه عن طلب المدعية بأجرة الإرضاع، من المقرّر شرعاً أنّ الإرضاع واجب على الأمهات من حيث الأصل وأنّ الإنفاق عليهنّ واجب على الأب؛ لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا} البقرة: ٢٣٣، ومن المقرّر كذلك أنّ الأم إذا أرضعت ولدها فليس لها أجرة على ذلك إذا كانت الزوجية قائمة بينها وبين أبيه أو كانت معتدة مستحقّة للنفقة من طلاق من الأب، وتجب لها قطعاً إذا كانت أجنبية عن الأب بأن لا تكون زوجة ولا معتدة عدة تجب لها فيها النفقة، فالأجرة ليست عوضاً خالصاً بل هي مؤونة ونفقة فلا تجب للمرأة نفقتان، فإذا كانت زوجة أو معتدة عدة تستحق فيها النفقة فلا تستحق أجرة الإرضاع؛ لأن ّ على الأب أن ينفق عليها في هذه الأحوال، وإن لم تكن زوجة أو معتدة عدة تستحق فيها النفقة استحقت الأجرة؛ لأنها لا تستحق النفقة عليه، وهو ما يؤخذ من قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} الطلاق: 6، (ينظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج3، ص 160 وما بعدها، وج18، ص 167 وما بعدها، جوابات الإمام السالمي ج3، ص21-22، الأحوال الشخصية لمحمد أبي زهرة ص402-403)، هذا وقد نصّت المادة (61) من قانون الأحوال الشخصية على أنّه "تجب على الأب تكاليف إرضاع ولده إذا تعذّر على الأم إرضاعه، ويعتبر ذلك من قبيل النفقة"، فمفهوم المادة أنّه إذا لم يتعذّر على الأم إرضاع الولد فلا يجب على الأب تكاليف الإرضاع، إلا أنّ الظاهر من نصّ المادة أنّها في الأم إذا كانت زوجة أو معتدة عدّة تجب فيها لها النفقة؛ لأنها إذا تعذّر على الأم إرضاع الولد كان على الأب استئجار غيرها لترضعه، أما إذا كانت الأم أجنبيّة من الأب كان لها أجرة الإرضاع؛ إذ لا تجب على الأب لها النفقة، مع أنّها تحتاج لتخصيص بعض الطعام لتأكله حال كونها مرضعاً لمصلحة الطفل، فمن هنا أوجّه واضع القانون لإعادة صياغة المادة لتتلاءم مع هذه النظرة المتوافقة مع نصّ القرآن الكريم، ومن المقرّر قانوناً طبقاً للمادة (68) من قانون الأحوال الشخصية أنّه "تفرض نفقة الأقارب اعتباراً من تأريخ المطالبة القضائية، وللقاضي أن يحكم بنفقة الأولاد على أبيهم عن مدة سابقة للمطالبة القضائية لا تتجاوز ستة أشهر"، فلما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أنّ المدعية أصبحت أجنبية عن المدعى عليه، وأنّ ابنة طرفي الدعوى المطالب بأجرة إرضاعها لا تزال في عمر الرضاعة، وبالنظر في دخل المدعى عليه فقد قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأجرة الإرضاع للمدعية وقدرها ثلاثون ريالاً عمانياً (30ر.ع) شهرياً منذ تأريخ المطالبة القضائية، ويمكنك - أخي القارئ الكريم - الاطلاع على تفاصيل الحكم من خلال الرابط الآتي:

https://1drv.ms/w/s!AqiNRaH6mUQgoBiuEWFsiCuBLD92?e=g0xMGz


حكم قضائي، أجرة الإرضاع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع