مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 مرحلة الإيذاء والإضطهاد(2)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


06/02/2023 القراءات: 305  


اخترقت إذن قريش الخط الرفيع الفاصل التى كانت تحافظ عليه من بداية الدعوة خوفا من عواقبه، وبدأت في إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم ،ولم يعد يوقفها خوف أو احترام وتجاوزت كل الحدود في التعامل مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين

فكان أمية بن خلف إذا رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه‏ ،‏ وفيه نزل قوله تعالى‏:‏
‏{‏وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ‏}‏ ‏[‏سورة الهمزة‏:‏1]‏ ، قال ابن هشام‏:‏
الهمزة‏:‏ الذي يشتم الرجل علانية، ويكسر عينيه، ويغمز به‏.
‏ واللمزة‏:‏ الذي يعيب الناس سرا، ويؤذيهم‏.

أما أبوجهل فكان يؤذى رسول الله صلى الله عليه بالقول ،ويصد عن سبيل الله ثم يرجع مختالا بما فعل ، فخورا بما ارتكب من الشر ، وكان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة في الحرم منذ أول يوم رآه يصلى فيه

ولقد مر به مرة وهو يصلى (صلى الله عليه وسلم) ، عند المقام ، فقال : يامحمد ، ألم أنهك عن هذا وتوعده ، فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره
فقال :بأي شئ تهددنى ؟وأما والله إني لأكثر هذا الوادى ناديا (بمعنى انه أعز أهل مكة )
فأنزل الله تعالى : ‏{‏فَلْيَدْعُ نَادِيَه سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ‏}‏ ‏[‏العلق‏:‏17، 18‏]‌‌‏ رواه أحمد

ولم يكتفى عدو الله بذلك ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلى عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لو فعل لأخذته الملائكة عيانا " البخاري

ولقد حاول لعنه الله ذلك فعلا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه (أي يسجد ويلصق وجهه بالعفر وهو التراب) بين أظهركم ؟
فقيل : نعم
فقال : واللات والعزى ! لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه فى التراب
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى ، زعم ليطأ على رقبته
قال : فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه (يرجع إلى الوراء ) ويتقى بيديه
فقيل له : مالك ؟ فقال : إن بينى وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو دنا منى لاختطفته الملائكة عضوا عضوا " مسلم


ولم يكن أبو جهل لوحده هو من يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ، فهاهو عقبة بن أبي معيط لعنه الله ، لم يكتفي بوضع سلا الجزور على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما حاول خنقه عليه الصلاة والسلام

فعن عروة بن الزبير رضى الله عنه قال : 
قلتُ لعبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ : أخبِرْني بأشدِّ ما صنَع المُشرِكون برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
قال : بينما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي بفِناءِ الكعبةِ إذ أقبَل عُقبَةُ بنُ أبي مُعَيطٍ فأخَذ بمَنكِبِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولوى ثوبَه في عُنُقِه فخنَقه خَنقًا شديدًا
فأقبَل أبو بكرٍ فأخَذ بمَنكِبِه ودفَع عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال :{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} سورة غافر 28
رواه البخاري

بل إنهم لم يقتصروا على مجرد الأذية ، لقد تعدوا ذلك إلى محاولة قتله ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر ، فتعاقدوا باللات والعزى ، لو قد رأينا محمدا لقمنا إليه قيام رجل واحد ، فلم نفارقه حتى نقتله
فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله عنها تبكى حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :
هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك لقاموا إليك فقتلوك ، فليس منهم رجل إلا فد عرف نصيبه من دمك
فقال عليه الصلاة والسلام : " يابنية أرينى وضوءا ، فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد ، فلما رأوه
قالوا : هاهو ذا ، وخفضوا أبصارهم ، وسقطت أذقانهم في صدورهم ، وعقروا في مجالسهم ، فلم يرفعوا إليه بصرا ، ولم يقم إليه رجل
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم ، فأخذ قبضة من التراب
فقال : " شاهت الوجوه (قبحت )" ثم حصبهم بها ، فما أصاب رجلا منهم من ذلك الحصى حصاة إلا قتل يوم بدر كافرا
رواه أحمد

إذن تعدت قريش كل الخطوط وفقدت رشدها وهاج هياجها ، واعتدت على الرسول الكربم صلى الله عليه وسلم مع منعة عمه له ، أما العبيد والموالى والمستصعفين فقد أذاقتهم قريش أشد العذاب والتنكيل لتردهم عن دينهم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 مرحلة الإيذاء والإضطهاد(2)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع