مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي


(معجزة ليلة الاسراء والمعراج)

د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a


03/03/2022 القراءات: 1568  


تعد هذه المعجزة ثاني اكبر معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد معجزة القرآن الكريم لذا ينبغي التفكير في دروسها واهميتها والتمعن في عبرها لأنها دليل واقعي على قدرة الله سبحانه وتعالى فقد وقعت على المشهور من اقوال العلماء في ليلة 27 من شهر رجب من السنة الثانية عشرة من البعثة وقبل الهجرة ويؤكد علماء المسلمين ان هذه الرحلة تمت بالروح والجسد معا اذ روى عن ابن هشام في السيرة النبوية قال"ثم اسري برسول الله من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى وهو بيت المقدس وقد فشا الاسلام بمكة في قريش وفي القبائل كلها"وقد جرت هذه الحادثة ليلا سنة621 فهي ليلة مميزة في التقويم الاسلامي وتعد من الاحداث البارزة في تاريخ الدعوة الاسلامية اسرى الله نبيه محمد على ظهر دابة ارسلها اليه وتسمى البراق مع جبريل عليه السلام ليلا من المسجد الحرام بمكة الى المسجد الاقصى خلال جزء من الليل ورجوعه الى مكة في نفس الليلة
اما المعراج فيطلق على صعود النبي محمد عليه الصلاة والسلام من بيت المقدس الى ما فوق السماوات السبع ورجوعه في جزء من الليل فرأى في السماء الدنيا آدم عليه السلام فسلم عليه وأقر بنبوته ثم رأى في السماء الثانية يحيى وعيسى عليهما السلام وفي السماء الثالثة رأى يوسف عليه السلام وفي الرابعة ادريس عليه السلام وفي الخامسة هارون عليه السلام وفي السادسة رأى موسى عليه السلام وكانوا جميعهم يسلمون عليه ويسلم عليهم ويقرون بنبوته ورأى في السماء السابعة ابراهيم عليه السلام وهو مسند ظهره الى البيت المعمور ويدخل اليه سبعون الف ملك كل يوم ولا يعودون عليه ثم رأى سدرة المنتهى ثم صعد اليها وهي شجرة في نهاية السماوات قبل الوصول الى الملكوت العظيم وعندما وصلوا اليها توقف فيها جبريل عليه السلام حيث كان ذلك ابعد مكان سمح لجبريل بالوصول اليه ورفع الله له البيت المعمور ثم دنا من الله حتى كان قاب قوسين او ادنى وفرض الله عليه الصلاة وكانت في بدايتها خمسون صلاة حتى اصبحت خمس وذلك لما طلب منه موسى عليه السلام ان يرجع الى الله ويسأله التخفيف وفي هذا حكم بليغة فجعل الرحلة الارضية وهي الاسراء مقدمة للأخبار بالمعراج وهي الرحلة الثانية العلوية التي ذهل الناس عندما اخبروا بها فارتد عن الاسلام وقتها ضعاف الايمان بينما ظل على الايمان أقوياءه وقد تزامن وقوعها مع احداث مؤلمة عانى منها الرسول اذ كانت قريش قد فرضت عليهم حصارا وتوفي عمه ابو طالب الذي كان يعصمه ويدافع عنه وكانت قد توفيت زوجته كما كان قبل ذلك خروجه الى الطائف ورميهم اياه بالحجارة فاتت هذه الرحلة الروحانية الكريمة مواساة وتثبيتا له واختبارا لإيمان الصحابة الكرام
وقد ثبت امر هذه الليلة في النصوص الشرعية اذ سميت بها سورة في القرآن الكريم وهي سورة الاسراء وجاء في مطلعها قوله تعالى(سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير)الاسراء/1وذكرقصة المعراج وثمرته بقوله تعالى(ولقد راه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى اذ يغشى السدرة ما يغشى مازاغ البصر وما طغى لقد رأي من آيات ربه الكبرى)النجم/13-18كما جاء في صحيح مسلم ان رسول الله قال"اتيت بالبراق وهو دابة ابيض طويل قال فركبته حتى اتيت بيت المقدس قال فربطته بالحلقة التي يربط به الانبياء قال ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر واناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل عليه السلام اخترت الفطرة ثم عرج بنا الى السماء"وتظهر الحكمة من وقوع هذه الحادثة في امورعدة فهي لبيان فضل رسول الله ومكانته عند الله اذ وصل في رحلته الى مكان ومنزلة لم يصلها غيره قط من رسل او ملائكة كما انه صلى اماما بالأنبياء جميعهم في المسجد الاقصى وفي اصطفائه للإمامة تشريف له عليهم لتكون هذه الرحلة من معجزاته وفضائله التي لم يسبق لاحد قط من الانبياء ولوجها كما ان في امامته عليهم اشارة الى توحيد رسالاتهم جميعا وان شريعته صلى الله عليه وسلم ناسخة لشرائعهم فهم يقتدون به وعلى اتباعهم فعل ذلك
كما انها مواساة له من جراء ماعانى منه في تلك الفترة فجاءت الحادثة تخفيفا له ولمن حوله ورفعا لمعنوياتهم وتأييدهم بجملة من الرؤى المستقبلية فكانت الحادثة تعليما للرسول اشياء عن الغيب حتى يبلغها بيقين فالغيب عالم لا يدركه الانسان بعقله ولا سبيل له تصوره سوى بالنقل اذ رأى عليه الصلاة والسلام الجنة والنار وصعد الى السماوات وشاهدها بتفاصيلها فبفضلها اصبحت امة محمد تحمل كنز من الغيب يدفعها نحو الامام ولا يزيدها الا تثبيتا وثباتا على الحق فكانت الحكمة ليرى عليه الصلاة والسلام شيئا من آيات الله العظيمة الدالة على وحدانيته وقدرته فهي تشريف له عليه الصلاة والسلام وبإرسال البراق وهو من مخلوقات الجنة خصيصا ليحمله ففي الحادثة اعلان لعمومية الرسالة التي جاء بها الاسلام وشمولها وصلاحها لكل زمان ومكان اذ يتضمن ما جرى من جعل رسول الله اماما لهذه البشرية بإمامته للرسل جميعهم في الصلاة لتكون بذلك رسالته عالمية ناسخة لجميع الرسالات من الشرق الى الغرب فهو خاتمهم وافضلهم ووصل الى منزلة عالية لم يصلها احد سواه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل فهو خير البرية وافضل الخلق فسبحان من اسرى بأشرف خلقه في رحلة الاسراء والمعراج فهي رحلة عظمى تفوق خيالنا دارت بها الاقدار في الاجواء قد شاء رب العرش ان يهدى له شرف الضيافة في ربى الافياء حيث اورد ابن كثير تلخيصا دقيقا لما افادته آيات الكتاب العزيز والاحاديث فقال"والحق انه اسري به يقظة لا مناما ثم اتي بالمعراج فصعد فيه الى السماء الدنيا ثم الى بقية السماوات السبع ورأى هناك جبريل على صورته ثم هبط الى بيت المقدس وهبط معه الانبياء فصلى بهم فيه لما حانت الصلاة ويحتمل انها صلاة الصبح من يومئذ ومن الناس من يزعم انه أمهم في السماء والذي تظاهرت به الروايات انه بيت المقدس ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق وعاد الى مكة "والحمد لله رب العالمين


( معجزة ليلة الاسراء المعراج السماء )


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


تحية و بعد : ارجو ان تتقبل تعليقي بكل رحابة صدر و بكل تدبر و تفكر نتفق جميعا ان الحديث لا يمكن ان يخالف القرءان فالاسراء ذكر في الاية 1 من سورة الاسراء و لكن العروج او الرقي في السماء لم يذكر بل ان كفار قريش طلبوا اشياء من ضمنها الرقي في السماء لكي يؤمنوا و لو انهم سمعوا برقي الرسول في السماء ما كانوا ليطلبوا ذلك الطلب ارجو التأمل جيدا في الايات من 90 الى 95 من سورة الاسراء .