مدونة الدكتور محمد محمود كالو


حتى عباد البقر يتطاولون علينا؟!

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


11/06/2022 القراءات: 647  


حتى عباد البقر يتطاولون علينا؟!
نعم؛ حتى عباد البقر يتجرؤون على الإساءة لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم!
فمنذ عام 2005 إلى اليوم شهدنا فصولاً متتالية من الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم، تبنتها صحف أوروبية وغربية حاقدة وعنصرية، تحمل من الكره للإسلام والمسلمين ما جعلها تصوب سهام غضبها وسخطها على سيد الخلق برسومات مسيئة.
ففي 30 سبتمبر 2005 نشرت صحيفة يولاندس بوستن الدنماركية 12 صورة كاريكاتورية مسيئة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
بعدها بأيام فقط قامت صحيفة نرويجية بإعادة نشر الصور، لتتبعها فيما بعد صحف ألمانية وفرنسية بنشر نفس الصور، وهذا أثار غضباً شعبياً جماهيرياً كبيراً عَم كافة أقطار الدول الإسلامية.
ومن مشاهد هذه الإساءة ما قامت صحيفة شارلي إبدو الفرنسية الساخرة بإعادة نشر الصورة المسيئة.
وأعقب ذلك تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي خرج عن المعهود، وفاجأ الجميع بما قاله؛ لِتتوالى ردود الفعل الغاضبة على هذه الرسومات والتصريحات.
وأخيراً أساء عابد البقرة والناطق باسم حزب بهاراتيا جاناتا، الحزب الحاكم الهندي أساء لنبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه، من خلال تغريدة على حسابه في “تويتر” تساءل فيها عن سبب زواج النبي من السيّدة عائشة، وهي لم تبلغ عشر سنوات.
علماً أن في كتابهم المقدس إذا كان سن الزوج 30 يكن سن الزوجة 12 سنة، وإذا كان عمر الزوج 24 يكون سن الزوجة 8 سنوات، فما بال عباد البقر يستنكرون؟!
كل هذه الإساءات سببها ضعف المسلمين وتفرقهم وتمزقهم، لأن الأمة المفككة لا تستحق حياة كريمة، والضعيف معرض للتطاول عليه، وواقع الأمة الإسلامية هو الذي يشجع الآخرين على الإساءة إلى الإسلام والمسلمين.
ثم إن هذه الإساءات ليست بجديدة، ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا عنه: ساحر، كذاب، كاهن، شاعر إلى غير ذلك، والرسول عليه الصلاة والسلام يصبر بأمر الله تعالى: (وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا) [المزمل:10]، وقال الله عز وجل (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:97-99]، فكان يصبر ويمنع أصحابه من أن ينتقم أحد وهو بمكة، لأنهم لو انتقموا من المشركين لقضي على الإسلام في مهده، إلى أن هاجر ووجد الأنصار فحينئذ أمره الله بجهاد المشركين.
وقال الله تعالى: إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [الحجر:95]، قال المفسرون: كَانَ عُظَمَاءُ الْمُسْتَهْزِئِينَ خمسة نفر.
مِنْ بَنِي أَسَدِ الْأَسْوَدُ بن المطلب، وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَعَا عَلَيْهِ لِمَا كان يبلغه من أذاه واستهزائه، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَثْكِلْهُ وَلَدَهُ».
قال ابن كثير: أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقَامَ وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِهِ، فَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ فَأَشَارَ إِلَى بَطْنِهِ، فاستسقى بطنه، وَمَرَّ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَأَشَارَ إِلَى أثر جرح بأسفل كعب رجله، وكان أصابه قبل ذلك بسنتين، وهو يجر إِزَارَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ يَرِيشُ نَبْلًا لَهُ، فَتَعَلَّقَ سَهْمٌ مِنْ نَبْلِهِ بإزاره فخدش رجله ذلك الخدش، وليس بشيء، فانتفض بِهِ فَقَتَلَهُ، وَمَرَّ بِهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَأَشَارَ إِلَى أَخْمَصِ قَدَمِهِ فَخَرَجَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ يُرِيدُ الطَّائِفَ، فَرَبَضَ عَلَى شِبْرِقَةٍ «نبت يؤكل وله شوك» فَدَخَلَتْ في أخمص قدمه فَقَتَلَتْهُ، وَمَرَّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ فَأَشَارَ إِلَى رَأْسِهِ فَامْتَخَطَ «أخرج مخاطا من أنفه» قَيْحًا فَقَتَلَهُ.
ولهذه الإساءات فوائد أيضاً، إذ هذه البذاءات قد استفزت مشاعر المسلمين وألهبت غيرتهم على دينهم وعلى نبيهم صلى الله عليه وسلم، حتى من كان منهم كثير التفريط والتقصير، ولعل ذلك يدفع بهم إلى الاجتهاد في العمل لنصرة الدين والحق في نفسه وفي الدنيا من حوله، وقد كان بعض إيذاء المجرمين للنبي صلى الله عليه وسلم قديماً سبباً لإسلام عمّه حمزة بن عبد المطلب، فقد أدركته الحميّة عندما عيّرته بعض الجواري بإيذاء أبي جهل لابن أخيه، فتوجه إلى ذلك الشقي وقال: (أَتَشْتِمُهُ وَأَنَا عَلَى دِينِهِ أَقُولُ مَا يَقُولُ؟ فرُدَّ ذَلِكَ عَلَيَّ إنِ اسْتَطَعْت!)، ثم أنار الله بصيرته بنور الحق حتى صار من أحسن الناس إسلاماً، وأشدّهم غيرة على المسلمين، وأقواهم شكيمة على أعداء الدين حتى سمي: أسد الله.
وهذا ما نرجوه من كل مسلم استفزته هذه الإساءات، فليراجع نفسه ويحدد دوره وواجبه في الدفاع عن هذا الدين العظيم بشكل عملي.
كما أتوقع أن تكون النتائج مزيداً من دخول الناس في دين الله أفواجاً وخاصة ممن لم يسمع بالإسلام بإذن الله تعالى.


عباد القر، يتجرؤون، ضعف المسلمين، اإساءة، عنصرية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع