مدونة د. منى الحداد


شرح أسماء الله الحسنى ( اسم الله القابض والباسط )

منى عبد الله محمد الحداد | muna Abdullah muhammed alhaddad


23/03/2022 القراءات: 1440  


✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻

*شرح أسماء الله الحسنى*

( *القابض الباسط* )
# *الدِّلالاتُ اللُّغَويَّةُ لاسْمِ (القَابِضِ):*
القَابِضُ فِي اللُّغَةِ اسْمُ فَاعِلٍ، فِعْلُهُ قَبَضَه يَقْبِضُه قَبْضًا وقَبْضَةً، والقَبْضُ خِلَافُ البَسْطِ، وهُوَ فِي حَقِّنَا: جَمْعُ الكَفِّ عَلَى الشَّيءِ، وهُوَ مِنْ أَوْصَافِ اليدِ وفِعْلِهَا، والقَبْضَةُ ما أَخَذْتَ بجُمعِ كَفِّكَ كُلِّهِ.
والقَبْضُ قَدْ يَأْتي بِمَعْنَى تَأْخِيرِ اليدِ وَعَدمِ مَدِّهَا، أوْ عَلَى المعْنَى المُعَاكِسِ وهُوَ تَنَاوُلُكَ للشيءِ بِيَدِكَ مُلامَسةً.
# *والقَابِضُ سُبْحَانَه* هُوَ الذِي يُمْسِكُ الرِّزْقَ وغَيْرَه مِنَ الأَشْيَاءِ عَنِ العبَادِ بِلُطْفِهِ وحِكْمَتِهِ، ويَقبضُ الأَرْواحَ عِنْدَ المَمَاتِ بِأَمْرِهُ وقُدرَتِهِ، ويُضيِّقُ الأسْبَابَ عَلَى قَوْمٍ ويُوَسِّعُ عَلَى آخَرِينَ ابْتِلاءً وامْتِحَانًا، وقَبْضُهُ تَعَالَى وإِمْسَاكُهُ وَصْفٌ حَقِيقِيٌّ لا نَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهُ، نُؤْمِنُ بِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وحَقِيقَتِهِ، لا نُمَثِّلُ ولا نُكَيِّفُ، ولا نُعَطِّلُ ولا نُحَرِّفُ.

# *الدِّلالاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (البَّاسِطِ):*
البَاسِطُ اسْمُ فَاعِلٍ فِعْلُهُ بَسَطَ يَبْسُطُ بَسْطًا، والبَسْطُ نَقِيضُ القَبْضِ، وأَرْضٌ مُنْبَسِطَةٌ مُسْتَويَةٌ، وانْبَسَطَ الشَّيْءُ عَلَى الأَرْضِ امتَدَّ عَليهَا واتَّسَعَ.
وبَسْطُ اليَدِ فِي حَقِّنا مَعْلُومُ المعْنَى والكَيْفِيَّةِ، أَمَّا فِي حَقِّ اللهِ فَمَعْلُومُ المَعْنَى، مَجْهُولُ الكَيْفِيَّةِ.
*البَاسِطُ سُبْحَانَهُ* هُوَ الذِي يَبْسُطُ الرِّزقَ لِعِبَادِهِ بجُودِهِ وَرَحْمَتِهِ، يُوَسِّعُهُ عَلَيْهِمْ بِبَالِغِ كَرَمِهِ وَحِكْمَتِهِ، فَيَبْتَلِيهم بِذَلِكَ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ مَشِيئَتُهُ، فَإِنْ شَاءَ وَسَّعَ وإنْ شَاءَ قَتَّرَ، فَهُوَ البَاسِطُ القَابِضُ؛ فإِنْ قَبَضَ كَانَ ذَلِكَ لما تَقْتَضِيهِ حِكُمَتُهُ البَاهِرَةُ لا لِشَيْءٍ آخَرَ، فَإِنَّ خَزَائِنَ مُلْكِهِ لا تَفْنى وَمَوادَّ جُودِهِ لا تَتَنَاهَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الشورى: 12].
وَبَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَوْجَبَ عَدَمَ إطْلَاقِ البَاسِطِ إلا مُقَارِنًا للقَابِضِ، وأَلَّا يَفْصِلَ بينهما؛ لِأَنَّ كَمَالَ القُدْرَةِ لا يَتَحَقَّقُ إلا بهما مَعًا، وهَذَا الكَلَامُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لأنَّ أَسْمَاءَ اللهِ كُلَّها حُسْنَى، وكُلُّها تَدُلُّ عَلَى الكَمَال، وكُلُّ وَاحِدٍ مِنهَا يُفِيدُ المدْحَ والثَّنَاءَ عَلَى اللهِ بِنَفْسِهِ.
*فاسْمَا اللهِ القَابِضُ والبَاسِطُ* كُلٌّ مِنْهُما يُفِيدُ المدْحَ والثَّنَاءَ بِنَفْسِهِ، وإِنْ ذُكِرَا مُقْتَرِنَيْنِ زَادَتْ دِلَالَةُ الكَمَال فِي وَصْفِ رَبِّ العِزَّةِ والجَلَالِ، كَمَا هُوَ الحَالُ عِنْدَ اقْتِرانِ الحَي مَعَ القَيُّومِ، والرَّحْمَنِ مَعَ الرَّحِيمِ، والغَّنِي مَعَ الكَرِيمِ، والقَرِيبِ مَعَ المجيبِ، وغيرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ، فَالْقَولُ بِوُجُوبِ ذِكْرِ الاسْمَينِ مَعًا فِيهِ نَظَرٌ وإنْ كَانَ مُسْتَحْسَنًا.
# *وُرُودُهُ فِي الحَدِيثِ الشَّرَيفِ:*
وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللهِ، لَوْ سَعَّرْتَ، فَقَالَ: "إنَّ اللهَ هُوَ الخَالِقُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ المُسَعِّرُ، وإنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ ولا يَطْلُبُنِي أَحَدٌ بمَظْلَمَةٍ ظَلَمْتُها إياهُ فِي دَمٍ ولَا مَالٍ".
وَقْد وَرَدَتْ فِعلًا فِي القُرآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245].
وَفِي أَحَادِيثَ كَثيرَةٍ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ، لِيتَوُبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، ويبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ...".
وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ يَوْمَ القِيَامَةِ، ويَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ..." الحَدِيثُ.

# *مَعْنَى الاسْمَينِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى:*
قَالَ الحُلَيْمِيُّ: "ومِنْهَا (البَاسِطُ): وَمَعْنَاهُ: النَّاشِرُ فَضْلَهُ عَلَى عِبَادِهِ، يَرْزُقُ وَيُوَسِّعُ ويَجُودُ ويَفْضُلُ ويُمَكِّنُ ويُخَوِّلُ، ويُعْطِي أَكْثَرَ مِمَّا يُحْتَاجُ إِليهِ".
قَالَ: "ومِنْهَا (القَابِضُ): يَطْوِي بِرَّهُ ومَعْرُوفَهُ عَمَّنْ يُرِيدُ، ويُضَيِّقُ ويُقَتِّرُ أَوْ يَحْرِمُ فَيُفْقِرُ.
ولا يَنْبَغِي أَنْ يُدْعَى رَبُّنا جَلَّ جَلَالُهُ باسْمِ: القَابِضِ، حَتَى يُقَالَ مَعَهُ: البَاسِطُ".
وقَالَ البَيْهَقِيُّ: "(القَابِضُ البَاسِطُ) هُوَ الذِي يُوَسِّعُ الرِّزْقَ ويُقَتِّرُهُ، يَبْسُطُهُ بِجُودِهِ وَرَحْمَتِهِ، ويَقْبِضُهُ بِحِكْمَتِهِ.
وقِيلَ: القَابِضُ: الذِي يَقْبِضُ الَأرْوَاحَ بالمَوْتِ الذِي كَتَبَهُ عَلَى العِبَادِ.
والبَاسِطُ: الذِي بَسَطَ الَأرْوَاحَ فِي الَأجْسَادِ".
وَقَالَ الغَزَالِيُّ: "(القَابِضُ البَاسِطُ) هُوَ الذِي يَقْبِضُ الَأرْوَاحَ عَنِ الَأشْبَاحِ عِنْدَ المَمَاتِ، ويَبْسُطُ الَأرْوَاحَ فِي الَأجْسَادِ عِنْدَ الحَيَاةِ.
ويَقبِضُ الصَّدَقَاتِ مِنَ الأغْنِيَاءِ، ويَبْسُطُ الأرْزَاقَ للُّضعَفَاءِ، ويَبْسُطُ الرِّزْقَ عَلَى الأغْنِيَاءِ حَتَى لا يَبْقَى فَاقَةٌ، ويَقْبِضُهُ عَنِ الفُقَرَاءِ حَتَّى لا يَبْقَى طَاقَةٌ.
ويَقْبِضُ القُلُوبَ فَيُضَيِّقُها بِمَا يَكْشِفُ لَهَا مِنْ قَلَّةِ مُبَالَاتِهِ وتَعَالِيهِ وَجَلالِهِ، ويَبْسُطُها بِمَا يَتقَرَّبُ إليهَا مِنْ بِرِّهِ ولُطْفِهِ وجَمَالِهِ".


القابض، الباسط، الدلالات اللغوية.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


شكرا على هذا المقال المثمر و النافع