مدونة عبدالحكيم الأنيس


في ظلال السيرة النبوية (4)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


21/01/2023 القراءات: 172  


يوم الأحزاب
أقامَ البُغضُ فيهم حيثُ قاموا ... يُؤجِّجُهُ غرورٌ وانتقامُ
وجاؤوا في جموعٍ جمَّعوها ... وليس لكِبْرِهِم أبدًا زمامُ
وأَلْهَمَ مُلْهِمُ الأصحابِ عبدًا ... له في (فارسٍ) نسَبٌ تمامُ
برأيٍ ليس يُعرَفُ قبلُ فيهم ... ولم يكُ عندَ قومهمُ يُقامُ
وذلك (خندقٌ) كالسُّورِ يبدو ... عميقٌ لا يُرام له اقتحامُ
ونال رضا فنفَّذَهُ سريعًا ... رسولُ اللهِ والصحبُ الكرامُ
تنازعَ في المُشير بذاك قومٌ ... وكان لهم بنسبتهِ اختصامُ
فقال المصطفى: (سلمانُ منّا) ... فهل للناسِ مِنْ بعدٍ كلامُ؟
وجندُ اللهِ (بَرْدٌ) ثمَّ (خوفٌ) ... وكيف يكون معْ خوفٍ مقامُ؟
وجاء النصرُ مِنْ ربٍّ كريمٍ ... فمزَّقهم ومُزِّقتِ الخيامُ
وشَتَّتَ رأيَهُم رجلٌ لبيبٌ ... له في الحربِ رأيٌ لا يُرامُ
فخادَعَهم وأقنعَهُم بهذا ... فأمسوا ليس يَحكمُهم نظامُ
وعادوا هاربين وقال (طه): ... مجيئهُمُ لنا هذا ختامُ
سنَغْزوهم ولا يَغزون أرضًا ... لنا أبدًا، ويَنتصرُ السلامُ
***
أمُّ أسماء
حبّذا الإسلام دينًا، ليس دينْ ... فيه ما فيه –لعمري- مِنْ حُبورْ
هذه مُشرِكةٌ مِنْ مشركينْ ... قصدتْ إبنتَها (أسما) تزورْ
أرسلتْ (أسماءُ) تستفتي الأمينْ ... ما الذي يأمرُ مِنْ بين الأمورْ
وإذا بالمصطفى الهادي يُبِينْ ... بكلامٍ ما لهُ حقًا نظيرْ
ورَوى في ذلكَ الثبتُ المكينْ ... بأسانيدَ على الصدقِ تدورْ
أنْ "صِلي أُمَّكِ ذا أمرٌ متينْ ... وافقَ القلبَ وقد غذّى الشُّعورْ
قُمْ وبلِّغْ في رحاب العالمينْ ... هذه سُنَّتُنا: حقٌّ ونورْ
***
إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا
كان فتحًا رغمَ حُزنٍ وانتظارْ ... مهّدَ الدربَ إلى البيتِ العتيقْ
في طريق البيتِ: ذا نورٌ ونارْ ... ما الذي يختارهُ الهادي الشفيقْ؟
وقد اختارَ ويا نِعْمَ الخيارْ ... أنْ يعودَ العامَ مِنْ ذاتِ الطريقْ
ثم يأتي لـ (قضاءٍ) باقتدارْ ... يدخلُ البيتَ، وذا وعدٌ حقيقْ
نزلَ القرآنُ في هذا المَسارْ ... فيه رضوانٌ على ذاكَ الفريقْ
فيه أَنَّ الصلح فتحٌ وانتصارْ ... لا تَضيقوا ليس في العودةِ ضِيقْ
سورةٌ للفتحِ في ذاكَ النهارْ ... نزلتْ والناسُ في كربٍ وثيقْ
سلِّموا للهِ في هذا القرارْ ... مَنْ يُسلِّمْ فهْوَ بالنصرِ خليقْ
في (الحُديبيةِ) قد قامَ منارْ ... أنَّ هذا الدينَ بالنّاسِ رفيقْ
***
شروط الحديبية
ظَنَّ بعضُ الصحبِ في الصُّلح بلاءْ ... حسبوا للشركِ في ذاكَ ارتقاءْ
كان في الصُّلحِ: إذا جاء فتى ... مِنْ قريشٍ رُدَّ مِنْ دون بقاءْ
كيف إنْ جاءتْ إلينا امرأةٌ ... هل نساوي في رجال ونساءْ؟
نزل القرآنُ مِنْ ربِّ السماء ... يُعلِنُ الحكم بفتوى وقضاءْ
إنْ أتتكم (مرأةٌ) فامتحنوا ... وانظروا نيَّتها فيما تشاءْ
فإذا الإيمانُ قد حرَّكها ... لا تَردُّوها إلى ذاك الخباءْ
وادفعوا ما أنفقوا واحتسبِوا ... اجعلوا المالَ عن العِرْض فداءْ
هكذا الرحمةُ في إسلامنا ... أين كالإسلامِ في هذا النقاءْ؟
***
الفتح الكبير
أنتِ يا مكةُ مهوى المؤمنينْ ... أيُّ يومٍ يا تُرى الفتحُ المبينْ؟
كان أصحابُ رسولِ اللهِ في ... طيبةٍ يحدُوهمُ الشوقُ الدفينْ
وأتى الوعدُ بـ (عامٍ ثامنٍ) ... أقبلَ الفتحُ فنادِ الفاتحينْ
ومضى القومُ وفي أرواحِهِمْ ... قصةٌ للعشق تُرْوى كلَّ حينْ
فَتَحتْ مكةُ صدرًا للذي ... جاء مِنْ بعدِ سنينٍ وسنينْ
وهُنا أَعْلَنَ في الناس الأمينْ ... في خطابٍ لجميعِ العالمينْ
(ما تَظنونَ)؟ فقالوا قولةً ... تطلبُ العفوَ لقومٍ مُذْنبينْ
وإذا بالمصطفى في قدرةٍ ... يُعْلِنُ العفوَ لكلِّ السامعينْ
(اذهبوا) هيا (فأنتمْ طُلقا) ... ليس في مكةَ مِنْ شخصٍ سجينْ
هكذا علّمنا خيرُ الورى ... نبذلُ الأمنَ لكلِّ الخائفينْ
فلنا دينُ سلامٍ خالصٍ ... وإلهٌ (لا يُحبُّ المُعتدينْ)
***
يوم مُؤتة
فوَّضَ المختارُ فيما فوَّضا ... ذلك الجيشَ لقاداتٍ رضا
أولُ القادة (زيدٌ) فإذا ... كانَ ما كانَ ولله مضى
قام فيهم (جعفرٌ) لا ينثني ... دون أنْ يملأ َبالعجِّ الفضا
ثم يأتي صاحبٌ ذو همّةٍ ... شِعْرُهُ كالبرقِ إمّا أَوْمضا
ذاكَ (عبدالله) فاقرأْ شِعْـرَهُ ... روّضَ النفسَ به مُنْتَفِضا
كان هذا القولُ شيئًا عجَبًا ... فكذا كانَ، وذا حكمُ القضا
وانتضى السيفَ هُمامٌ ماجدٌ ... (خالدٌ) يا نِعْمَ ما كان انتضى
رَفَعَ السيفَ وفي واقعهِ ... كانَ سيفًا في المُلِمَّات أَضا
عادَ بالجيشِ إلى مأمنهِ ... وقد (انحازَ) لـ (طه المُرتضى)
ورسولُ اللهِ قدْ صَوّبهُ ... ما رأيناهُ عليهِ اعترَضا
***


نظم السيرة.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع