نظرة استشرافية لنتائج وباء كورونا على ضوء ابن خلدون( ت808ه)
03/05/2020 القراءات: 4315
بسم الله والصلاة والسلام على نبيه الكريم وبعد
إن إعادة قراءة ما طالعه الانسان من قبل فيه من النفع والخير الكثير، ناهيك عن التذكير والمقارنة والاستقراء و...الخ. ومما استوقفني ماذكره العلامة عبد الرحمان بن محمد بن خلدون (ت808ه) في مقدمته، أثناء عرضه لأسباب تأليف كتابه فذكر :" هذا الى ما نزل بالعمران بالعمران شرقا وغربا في منتصف هذه المائة الثامنة من الطاعون الجارف الذي تحيف الأمم وذهب بأهل الجيل وطوى كثيرا من محاسن العمران ومحاها، وجاء للدول على حين هرمها وبلوغ الغاية من مداها فقلص من ضلالها وفل من حدها وأوهن من سلطانها وتداعت إلى التلاشي والاضمحلال أموالها. وانتقض العمران عمران الأرض بانتقاض البشر فخربت الأمصار والمصانع ...وكأنما نادى لسان الكون في العالم بالخمول والانقباض فبادر بالإجابة والله وارث الأرض ومن عليها"
سبحان الله وبحمده وكأن ابن خلدون يصف حال العالم اليوم جراء الوباء كورونا -المنقضي بإذن الله- فمن مظاهره العالمية "وطوى كثيرا من محاسن العمران "كالتعليم والتنقل والسياحة والتجارة و...، وأدخل الدول بمختلف مراتبها في الحرج والعجز في جميع المجال وخاصة الاقتصادي وتوقفت مشاريع البناء والعمران، وما أعجب تعبيره رحمه الله حين قال " وكأنما نادى لسان الكون في العالم بالخمول والانقباض فبادر بالاجابة" وهذا الحال للعيان والله المستعان .
والأعجب ما ندعوا الله تعالى أن يكون، اذ قال ابن خلدون بعد وصفه مبينا النتائج :"وإذا تبدلت الأحوال جملة -كما هو عليه الآن1441ه/2020م - فكأنما تبدل الخلق من أصله وتحول العالم بأسره ،وكأنه خلق جديد ونشأة مستأنفة وعالم محدث "
فهذا الوباء الفاني قد ينتج عالما أكثر تقنية وتطورا وتعاونا ووعيا وتغيرا للأفكار والتصورات ، ويعيد ضبط الأولويات وترتيب الدول والموازين العالمية وربما الاهتمام أكثر بالعلماء ومنحهم ما استحقوه. وفي الختام فإن ابن خلدون لم يقصد بالطاعون ماهو معروف لكن شبه حال العالم الاسلامي به مجازا.والله اعلم .
والحمد لله رب العالمين
الطاعون .ابن خلدون .كورونا
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة