مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


🔻 غزوة الأحزاب ( الخندق) (4)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


12/03/2023 القراءات: 277  


اشتد الخطب على المسلمين ،وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون هل من شئ يقولوه فقد بلغت القلوب الخناجر؟ قال : " نعم قولوا اللهم استر عوراتنا و آمن روعاتنا"


ودعا رسول الله علي الأحزاب فقال : " اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم "
(مسلم)

وكان طول الحصار سبباً في إضعاف معنوية الأحزاب، خاصة إن أهدافهم لم تكن واحدة، فقريش تريد القضاء على المسلمين لتحرير طرق تجارتها وللانتصار لوثنيتها، والأعراب يريدون نصراً سريعاً لنهب المدينة، ويهود مترددة بحيث لم تدخل القتال رغم نقضها للعهد خوفاً من ترك الأحزاب للحصار وجعلها تقف وحدها وجهاً لوجه أمام المسلمين فهي تريد رهائن قبل اشتراكها في القتال.

وقد استجاب الله لدعاء رسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فبعد أن دبت الفرقة في صفوف المشركين وسري بينهم التخاذل ، أرسل الله عليهم جنداً من الريح عواصف شديدة باردة ، فاقتلعت خيامهم، و كفأت قدورهم ، وأطفأت نيرانهم ودفنت رجالهم ، وأرسل جنداً من الملائكة يزلزلونهم، ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف‏.‏
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} الأحزاب 9

ولنترك الحديث لشاهد عيان هو حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ،الذي أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة الباردة لاستطلاع حال الأحزاب قال:
"لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب، وأخذتنا ريح شديدة وقر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟"
فسكتنا فلم يجبه منا أحد ، ثم كرر قوله مرتين فلم يجبه أحد
فقال: " قم يا حذيفة، فأتتا بخبر القوم "
فلم أجد بداً إذ دعاني باسمي أن أقوم
قال: " اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم (تهجهم )على"


ووجدهم حذيفة رضي الله عنه في رعب وخوف ،وقد تهيأوا للرحيل ، فرجع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبر القوم وبرحيلهم وقال: "يا رسول الله تفرق الناس عن أبي سفيان، فلم يبق إلاّ في عصبة يوقد النار وقد صب الله عليهم من البرد مثل الذي صب علينا ولكنا نرجو من الله مالا يرجون"

وهكذا انفض الأحزاب عن المدينة فتنفس المسلمون الصعداء {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عزِيزًا} الأحزاب 25
ورد الله عدوهم بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفاهم الله قتالهم، و صدق وعده، وأعز جنده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده


ووضعت الحرب أوزارها فلم ترجع قريش بعدها إلى حرب المسلمين ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتف قائلا : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده وهزم الأحزاب وحده " ، وأنزل الله تعالى :
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} سورة الأحزاب، آية 9

وقد عبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن الآثار الخطيرة التي ترتبت على فشل الأحزاب في غزوة المدينة رغم ما حشدوه من طاقاتهم- وهو أقصى ما يستطيعون- بقوله "الآن نغزوهم ولا يغزونا، نحن نسير إليهم"
البخاري

و تغيرت الاستراتيجية الإسلامية من مرحلة الدفاع عن المدينة إلى مرحلة الهجوم و أنتقل مسرح الأحداث من المدينة وما حولها إلى مكة والطائف ثم تبوك بعيداً عن عاصمة الإسلام "المدينة المنورة" ، وكانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة في شوال

إن غزوة الأحزاب لم تكن معركة خسائر، بل كانت معركة أعصاب، لم يجر فيها قتال مرير، إلا أنها كانت من أحسم المعارك في تاريخ الإسلام، تمخضت عن تخاذل المشركين، وأفادت أن أية قوة من قوات العرب لا تستطيع استئصال القوة الصغيرة التي تنمو في المدينة ؛ لأن العرب لم تكن تستطيع أن تأتي بجمع أقوي مما أتت به في الأحزاب، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجلي الله الأحزاب‏:‏ ‌‏(‏الآن نغزوهم، ولا يغزونا، نحن نسير إليهم‏)‌‏.


🔻 غزوة الأحزاب ( الخندق) (4)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع