مدونة جيهان رشاد


علاج الازواج ( من منظور نفسي ديني ) (المفاهيم والاستراتيجيات والتكامل المعرفي للممارس العيادى )

جيهان رشاد | gahan rashad


27/04/2023 القراءات: 184  


الإرشاد أو العلاج الأسري هو عملية مساعدة علمية منهجية وفق نظريات نفسية متعددة يقدمها مرشد / معالج أسري متخصص في أسس الإرشاد أو العلاج النفسي وتقنياته لمساعدة أفراد الأسرة في جلسات فردية أو جمعي بهدف تحقيق التوافق /الصحة النفسية وهو علم يدرس اكاديمياً وتمنح به شهادات علمية وتراخيص مزاولة مهنية .
وليس مجرد إعطاء نصائح لحل المشكلات قادر عليها إي شخص كما هو شائع للأسف في ثقافة العرب بل هو أسلوب علمي يسير وفق أهداف محددة وتقنيات علمية تتبع نظرية علمية محددة وتمارس في ضوء معايير تناسب الاسرة والفرد والمشكلة أو الاضطراب (نوعه وكيفه ) وتتم جلسات الإرشاد أو العلاج في أطار علاقة مهنية تخضع لنظم اخلاقيات مهنية متخصصة أهمها الخصوصية والسرية والدقة والموضوعية عند استخدام أدوات القياس النفسي الملائمة للاسرة .
إرشاد أو علاج الأزواج جوهرالإرشاد الاسري ويقدم الممارس المهني المتخصص خدمات نفسية متعددة منها : تحليل متعدد المستويات للادرك الزوجين للمشكلة ، تشخيص نمط شخصية كلا الزوجين بشكل منفرد مع تحديد نقاط القوة والضعف في العلاقة التواصلية بينهما وهناك نوعان من المقابلات الاكلينيكية ( الفردية / المشتركة ) تتم في هذه المرحلة التشخيصية بما يحقق الهدف منها وهو تكوين المعالج أو المرشد الانطباع المهني حول العلاقة الزوجية / الاسرية والاتجاه العلاجي / الإرشادي الذي سيستخدمه ووضع فنيات التدخل المهني وفق النظرية النفسية الملائمة لطبيعة المشكلات ونمط الشخصية ويتخلل هذه الجلسات التمهيدية تطبيق المقاييس والاختبارات النفسية المناسبة .
المرحلة التالية هي مرحلة جلسات الإرشاد أو العلاج التي تتنوع مداخلها وفنياتها بتنوع الخلفية المهنية للممارس وما يحقق مصالح الزوجين والاسرة ( العلاج الأسري المعرفي – العلاج الأسري البنائي – – العلاج الأسري النفسي الدينامي – العلاج النفسي التربوي – العلاج الأسري السلوكي ) وفي كل مدخل منها تتعدد التقنيات العلاجية / الإرشادية وتتعدد أدوار المعالج أو المرشد وتختلف صياغة المشكلة وأهداف التدخل والمدة الزمنية للجلسات وعددها .
علاج الأزواج علم وفن وممارسة من أصعب جلسات العلاج / الإرشاد ( رأي شخصي لكاتب المقال ) وتحتاج مهارات متعددة من الممارس وهى بمثابة تحدي كبير داخل العيادة النفسية مما دفعني للبحث عن مفاهيم واستراتيجيات تجمع بين المنظور النفسي بنظريات العلم والمنظور الديني الإسلامي من القرأن والسنة بهدف تحقيق تكامل معرفي يخدم الممارس العيادي ويحقق الصحة النفسية للاسرة التي هي صحة المجتمع ككل .
شرح فنيات المداخل العلاجية / الإرشادية النفسية مطروح في العديد من الكتب المتخصصة لذا يستهدف المقال الحالي توضيح رؤية التكامل المعرفي للمنظور النفسي الديني ودعوة الباحثين من التخصصات المتعددة للمشاركة العلمية تمهيداً لوضع آليات خطاب توعوى مجتمعي تيسهدف افراد المجتمع يوضح أهمية الإرشاد / العلاج النفسي لمشاكل الاسرة والمجتمع وفوائدها وبذات الوقت ينمي الخطاب الديني التوعوي للإصلاح المجتمع والحد من الاضطرابات النفسية الاجتماعية المنتشرة بالمجتمع المعاصر ويسهم في نشر الصحة النفسية للافراد داخل المجتمع في ضوء فقة المعاملات الإسلامية ويمنح الممارس العيادي دليل إجراءات تطبيقي .
وحيث أني ككاتب للمقال باحث متخصص في العلوم النفسية ومعالج نفسي ممارس للعلاج النفسي بترخيص من وزارة الصحة فضلت البحث في مصادرمشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود ( التفسيرات المتعددة ) وهي اجتهاد علمي مبدئي قد يصيب أو يخطئ ويحتاج التعاون مع أهل العلم والتخصص في العلوم الشرعية.
بناء علي العرض السابق تم تحديد المفهوم الأول لمنظور التكامل المعرفي في توضيح : قول الله تعالى : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) .
وصية الله تعالى في الآية العظيمة في سورة البقرة (ولا تنسوا الفضل بينكم) جاءت في سياق ذكر آيات الطلاق والفراق بين الزوجين، الآية تشمل النهيَ عن نسيان العشرة " المودة والرحمة " وهي أساس العلاقة السليمة بين الزوجين فما احوج الزوجين خلال جلسات العلاج أو الإرشاد لفهم ذلك وتطبيقة بمساندة المتخصص النفسي ، فالخير والمعروف والذكريات السعيدة الطيبة بينهما يجب أن يتحدث الطرفين عنها فردياً وجمعياً .
ويقول أهل العلم الديني أن الله عز وجل ينهانا أن ننسى الفضل والمعروف والإحسان في تعاملنا البشري ( كحكم عامٌ لكل الناس وليس خاصاً فيما بين الزوجين فقط ) واعتقد أن هذا الطرح يمكن ان يكون مدخلاً علاجياً للعديد من الامراض النفسية الاجتماعية المعاصرة.
يقول ابن جرير الطبري: "ولا تغفلوا أيها الناس الأخذ بالفضل بعضكم على بعض فتتركوه".
المعاملات بالعدل و الحقوق الوافيةً لا تتعارض ابداً مع المعاملات بالرحمة والتسامح واللين من باب الرحمة أو العفو أو الإحسان، والمجتمع المعاصر يحتاج هذ الخطاب التوعوي بشدة ، ويتضح هذا في قول الله سبحانه وتعالي (وأن تعفوا أقرب للتقوى) يوضح المفسرون ذلك بأن : معنى كون العفو أقرب للتقوى: "أن العفو أقرب إلى صفة التقوى من التمسك بالحق، لأن التمسك بالحق لا ينافي التقوى لكنه يؤذن بتصلب صاحبه وشدته، والعفو يؤذن بسماحة صاحبه ورحمته، والقلب المطبوع على السماحة والرحمة، أقرب إلى التقوى من القلب الصلب الشديد، لأن التقوى تقرب بمقدار قوة الوازع، والوازع شرعي وطبيعي، وفي القلب المفطور على الرأفة والسماحة لين يزعه عن المظالم والقساوة، فتكون التقوى أقرب إليه لكثرة أسبابها فيه" .
فما مقدار حاجة المرشد أو المعالج النفسي أن يذكر بالتعامل بالفضل والإحسان والتجاوز والعفو داخل جلسات العلاج والإرشاد فحكايات العملاء مليئة بالعلاقات التي بلغت لدرجة العداوات ونتج عنها المرض النفسي حيث يحدث الانقلاب المفاجئ في العلاقات الانسانية ، لتصبح الجفوة مكان المودة، والبعد محل القرب، والقسوة والكره بدلا من الحب والرفق، وترصد الأخطاء والعيوب بدلا من التغاضي عنها وتذكر الأجمل والأفضل في الطرف الآخر.
أن من ترك شيئاً لله عوّضه الله خير


علاج نفسي / التكامل المعرفي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع