الواقعية التعبيرية في المعرض السنوي لفنانين ميسان / الجزء الثالث
أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi
19/03/2023 القراءات: 449
يكرر الفنان زاهد الساعدي أظهار أسلوبه في واقعيته التعبيرية في لوحات أخرى ومنها لوحة الزقاق والذي ينقل فيه حركة ثلاثة أشخاص وهم المرأة وولدها الصغير القادمان من داخل الزقاق ، والرجل الكبير في العمر الذي يرتدي الزي الشعبي المسمى بـ(الدشداشة) وهي لباس معروف لدى أفراد المناطق الشعبية ، كما يظهر في لوحته معمار المحلة من خلال أسلوبه الواقعي الذي يعبر عن التفاصيل الدقيقة لمعمار المناطق الشعبية وأبنيتها القديمة وبعضها متهالك وآيل للسقوط ، وهذه الميزة في نقل الأزقة والمحلات الشعبية يكررها الساعدي في أكثر من لوحة من لوحاته المشاركة في المعرض التشكيلي على الرغم من كون أغلبها تشير الى واقعية معبر عنها في التفاصيل المعمارية لكنها تشير الى المستوى الحياتي للقاطنين فيها وتحاكي حالتهم الأجتماعية ، وهو ما يكشف طبيعية الحياة وتناقضاتها بطريقة واقعية تعبيرية في أدق تفاصيلها .
أما الفنان أحمد قاسم الذي تميز بأسلوبه اللوني المختلف عن ما ذكرناه من الفنانين المشاركين في المعرض ، إذ تنوعت مشاركته في مجال استلهام موضوعات فنية قائمة على البعد اللوني في واقعيته التعبيرية ، كما في لوحة الطفلة الصغيرة بملبسها الدالة على المستوى المعيشي المغاير لما سبق ذكره ، فهي تمثل حالة أجتماعية أخرى تحاكي قصة في مضمونها الإنساني كون أن تفاصيل اللوحة والألوان المستخدمة المتناغم مع هذا البعد الإنساني يصور الانتظام في شكل المكان وتفاصيله الجزئية ، فقد عبر الفنان أحمد قاسم عن الجانب المعتدل في الحالة الإجتماعية على الرغم من طبيعة الألوان في بعدها الدلالي والذي يشير الى المكان ذاته كونه مسكن بسيط لكنه يشير أيضا الى حيوية ما يكمن خلفه من حيث الترتيب والتنظيم الذي يبدو على الشكل في اللوحة وخاصة الطفلة ، كما يتميز الفنان في استخداماته للظل والضوء وملامح الطفلة الصغيرة المنشغلة بطريقة فتح الباب أو غلقه ، والذي أراد أن يعبر بذلك عن واقعية الحدث ودلالاته من حيث التشكيل الفني والألوان المتناسقة وخطوط اللوحة الأفقية والعمودية والمائلة من خلال فتحة الباب وجانبيه وقياساته المتناغمة مع حركة الطفلة الصغيرة .
أما الفنان كريم محمد في لوحة المعبرة عن الطبيعة الريفية ويظهر فيها الماكنة الزراعية بتفاصيلها المختلفة مع (الكلب) الباحث عن الطعام بالقرب منها والذي أتلف صوتها وهو ما عبر عنها الفنان بطريقة التعبير عن جسد الحيوان بالقرب من الماكنة ، ويبين الفنان في لوحته تفاصيل مختلفة عن الغرفة وفي جانبها الفضاء الذي يصور من خلاله الفنان أشجار بعيدة متساوية الحجم يعبر فيها عن أسلوبه الذي يتميز بواقعيته المعبرة عن البيئة التي رافقته في أغلب لوحاته المقدمة في معارضه السابقة مما يدل على أن الفنان يتمحور في اشتغاله في الواقعية التعبيرية على الطبيعة التي يختزل فيها البعد الجمالي بإبراز التفاصيل الصغيرة للطبيعة في واقعية لا يبتعد فيها كثيراً بتعبيراته الفنية عما في داخله من أحاسيس وتعبيرات لطبيعة الحياة في أطارف مدينته.
إنَّ الواقعية التعبيرية في الفن التشكيلي في ميسان تميزت بها عدد من أعمال الفنانين المشاركين الذين قدموا تكنيكيات لونية مختلفة في هذه الأشتغال التشكيلي ، تمظهرت هذه الاشتغالات بفلسفة فنية قائمة على الموضوعات الإنسانية خاصة ، والطبيعة ودلالاتها المختلفة وتنوعاتها بين الريف والمدينة ، وتباينت من خلالها الموضوعات بحسب الواقعية التعبيرية عند كل فنان على الرغم من أن المعرض قد شهد أشتغالات فنية أخرى لكن ما كان يميز هذا المعرض بالإعمال المعبرة عن الموضوعات التي تكلمنا عنها سابقاً ، وقد بلغ عدد المشاركين في المعرض التشكيلي لفرع جمعية التشكيليين العراقيين في ميسان ثلاثة وعشرين رساماً وأكثر من أربعين لوحة عبرت عن طبيعة المدينة وريفها وابنيتها ومحلاتها ونماذج مختلفة من أبنائها من الطبقات الفقيرة في المدن والأرياف .
الواقع ، التعبير
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة