تاريخ الدولة البيزنطية - الجزء الرابع -
د/ بكاري مختار | Dr. BEKKARI mokhtar
11/04/2022 القراءات: 1036
الإمبراطور دقلديانوس 284-305 م
وفي تلك الأوقات الصعبة التي مرت بالامبراطورية الرومانية
في القرن الثالث ، وفي ذروة عملية المخاض التي انتهت بظهور الدولةالبيزنطية تولى عرش الامبراطورية دقلديانوس Deocletian الذي عرف كإداری قدير أكثر من جندی شجاع .
وتدرج دقلديانوس في عدة مناصب ادارية من القاعدة حتى القمة رغم أنه كان ريفي الأصل من أقليم إيليريا المطل على البحر الأدرياتي ، وشاهد دقلديانوس المشكلات والأزمات التي أخذت تنخر في عظام الإمبراطورية في القرن الثالث ، وازداد خېرة لتوليه وظائف متعددة أهلته ليصبح من المصلحين الناجحين ..
ما أن توای دقلديانوس عرش الامبراطوريةسنة 284م إلا وأدرك أن هذه الامبراطورية العظيمة التي تعاني من.مشکلات داخلية و غزوات الفرس والجرمان لا يمكن أدارتها بواسطة حاكم واحد وبوسائل إدارية تقليدية ، لهذا أخذ على عاتقه ، القيام باصلاحات تميزت بإقامة سلطة مركزية حازمة مع فصل تام بین السلطتين المدنية والعسكرية .
وفي سنة 284م بدأ دقلديانوس أصلاحه الاداري بأن جعل السلطة العليا في الامبراطورية في يد أمبراطورين كل منهما بلقب بلقب أغسطس Augustus يحكم أحدهما الشطر الشرقي من الإمبراطورية ويقوم الآخر بحكم الشطر الغربي منها .
وفي سنة 293م قرر دقلديانوس أن يعين مساعدا لكل من الامبراطورين ويكون نائبا عنه واتخذ له لقب قيصرCaesar
يحل محل الأغسطس بعد وفاته أو أستعفائه ..
واستقر دقلديانوس في الولايات الآسيوية ومصر وجعل مدينة نيقوميديا مركزا له ، وعين رفيق سلاح قديم له إسمه ماکسیمیان Maximian أغسطس على الغرب يحكم ايطاليا وافريقية وأسبانيا ومقره مدينة ميلان .
أما القيصران الذين عينهما نائبين هما :
1▪︎ جاليريوس الذي حكم شبه جزيرة البلقان وولايات
الدانوب المجاورة، ومركزه مدينة صارمیوم Sirinium
وهو قیصر لدقلديانوس نفسه ،
2▪︎ قسطنطينوس خلوروس والد قسطنطين الكبير الذي حكم غاليا(فرنسا وما حولها) وبريطانيا ومركزه في مدينة تریفیس Treves ومدينة يورك York وكان قیصرا لماكسيميان .
ويلاحظ أن الغرض الأساسي مما قام به دقلديانوس هو منع قيام الجند بتنصيب الأباطرة وعزلهم ، واعتبر هؤلاء الحكام الأربعة أنهم يحكمون امبراطورية رومانية واحدة غير منقسمة ، وكل المراسيم و الأوامر القرارات الامبراطورية تصدر بأسماء الأربعة ،
وتجدر الإشارة إلى أن الامبراطورية أدركت ضمنيا - وقتذاك - بوادر الاختلاف بين الشرق اليوناني والغرب اللاتيني ، وأن ادارة الامبراطورية.لا يمكن أن تتم بواسطة حاكم واحد.
وحقق هذا الإصلاح الاداري في عصر دقلديانوس النجاح ، وأمد الامبراطورية بحكومة قوية استطاعت أن تقف في وجه الغزوات الخارجية ضد الامبراطورية ، ولكن الى حين .
وقام دقلديانوس - بالفصل بين السلطتين المدنية والعسكرية بأن قام بحرمان حكام الولايات من السجلات العسكرية ومن قيادة الجيوش داخل ولاياتهم مما أدى الى زيادة سلطة الحكومة المركزية .
وأبعد أعضاء مجلس السناتو( الشيوخ ) من النبلاء عن تولى وظائف كبيرة في الجيش ، وعين في الوظائف العسكرية رجالا من الفرسان أي من الطبقة الوسطى الذين أهلتهم كفاءاتهم لتولي هذه المناصب
أما عن مشكلة الدفاع عن الامبراطورية ضد أغارات الفرس
والجرمان فقد قام دقلديانوس باتخاذ اجراءات عسكرية هامة اذ أنه قام باصلاح قلاع الحدود القديمة ، وشيد تلاعا جديدة ، وأصلح اسوار المدن ، وحشد فرقة عسكرية جديدة للدفاع عن الامبراطورية وحماية سلطة الأمبراطور من الطغاة المغتصبين سميت باسم قوات رفاق الامبراطور أو الحرس الخاص Comitatetimes .
وجهز دقلديانوس جيشا آخر لحماية حدود الإمبراطورية سمي باسم حرس الحدود Limilanet ليرابط على الراين و الدانوب و الفرات .
وتم توزيع الأراضي الواقعة عند حدي طورية على حرس الحدود لزراعتها مقابل الخدمة الحربية والدفاع عنها ، فتكونت طبقة الجند المزارعين التي لعبت دورا هاما في تاريخ الدولة البيزنطية .
ولما كانت هذه الاجراءات غير كافية لمواجهة غارات الجرمان ، جهز دقلدیانوس جيوشا ميدانية خفيفة متحركة. tail lations ترابط في قلب الولايات في المدن الهامة ، ومنها تنتقل بسرعة الي ميادين القتال ، ولم تعد للفرقة
القديمة الثقيلة المسماه Legio قيمة كبيرة ،
ورابطت هذه الجيوش الخفيفة في آسيا الصغرى ووسط البلقان لحماية ولايات الامبراطورية من غارات البرابرة اذا اخترقوا الحدود ، وفي عاصمة الامبراطوريةأضيفت قوات جديدة الى القوات التي تصاحب الامبراطور •
غير أن أصلاحات دقلديانوس وزيادة أعداد العسكريين والمدنيين أدت الى زيادة كبيرة في نفقات الدولة ، فاعادة تنظيم وادارة ولايات الامبراطورية زاد من عدد كبار الموظفين ذوي الرواتب الكبيرة مما أرهق الدولة ، ولم تغض هذه الاصلاحات على مشكلة غش العملات النقدية وزيادة التضخم النقدي وزيادة الأسعار ونفقات المعيشة .
وتدل لائحة الأسعار التي صدرت سنة 301م على مدى اهتمام الحكومة بهذه المشكلات الاقتصادية ، وكذلك على فشلها في وضع حد لزيادة نفقات المعيشة ، واحتوت لائحة الأسعار مذه على أسعار السلع المختلفة مثل القمح والشعير و اللحوم والخضروات والفواكه المختلفة والسمك وأنواع
المنسوجات وأدوات الكتابة وخلافه فضلا عن أجور الحرفيين .
وتم تنفذ هذه اللائحة بكل دقة ، لأن الدولة لم تكن المنتجة للسلع حتى تستطيع التحكم في أسعارها ومصادر انتاجها بالاضافة إلى التغيير الذي حدث لقيمة النقود . ..
وعندها تأكد دقلديانوس من الأم متحصلات الضرائب النقدية الواردة لخزانة الامبراطورية ، أعاد فرض الضريبة القديمة التي كانت تجبی نوعا من الضرائب تسمى Amnona أي ضريبة القمح . وأصبحت هذه الضريبة تجبى على شكل محصولات زراعية أو منتجات حيوانية .
وقد قصدت الدولة باعادة هذه الضريبة القديمة القضاء على غش العملات النقدية وتثبيت الأسعار، وضمان التصاق المزارعين بالأراضي لزراعتها .
وحرص الإمبراطور على ضرورة تقدير ضريبة الأراضي الزراعيةوتحديد أنواع المحاصيل وساعد ذلك الحكومة على تقدير ميزانية سنوية معتمدة على الانتاج الزراعي
الدولة البيزنطية، تاريخ
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة