مدونة د. عصام عبد ربه محمد مشاحيت


طريقك إلى التوبة

د. عصام عبد ربه محمد مشاحيت | DR. essam abdrabeh mohamad mashaheet


19/12/2021 القراءات: 2951  


إن أردت التوبة إلى الله عز وجل فابدأها بالندم والعزم على عدم العودة إلى الذنوب مرة أخرى، خوفًا من الله سبحانه وتعالى، ثم فعل الحسنات المختلفة والطاعات التي أمر الله بها في كتابه القرآن الكريم، وما أمرك به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الصحيحة.
واعلم أن هناك صلاة تُسمى صلاة التوبة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي بكر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما من رجل يُذنب ذنبًا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ( ركعتين ) ثم يستغفر الله إلا غفر الله له" » ثم قرأ هذه الآية : "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ".
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إني وجدت امرأة في بستان ففعلتُ بها كل شيء غير أني لم أجامعها، قبّلتها ولزمتها، ولم أفعل غير ذلك، فافعل بي ما شئت. فلم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم شيئًا فذهب الرجل. فقال عمر : لقد ستر الله عليه لو ستر نفسه، فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره، ثم قال : «ردُّوه عليّ » فردوه عليه فقرأ عليه : "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ" فقال معاذ رضي الله عنه – وفي رواية عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، أَلهُ أم للناس كافة ؟ فقال : «بل للناس كافة»
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة، ثم عمل حسنة فانفكت حلقة، ثم عمل أخرى فانفكت الأخرى حتى يخرج إلى الأرض» .

وقد ذكر العلماء رحمهم الله شروطًا للتوبة مأخوذة من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، منها :
1- الإقلاع عن الذنب فورًا وأن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر، كمن فقد القدرة على فعله أو على معاودته الذنب مرة أخرى، كمن تعوّد الكذب فأصيب بمرض أفقده النطق فلا يُسمى تائبًا، وكذلك الزاني إذا أُصيب بمرض أفقده القدرة على الوقاع، فلا بد للتوبة من ندم والإقلاع عن المعصية بل أقول الإقلاع عن تمني المعصية.
2- الندم على فات : لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قـــال : «الندم توبة»
3- العزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى.
4- إرجاع حقوق من ظلمهم، أو طلب البراءة منهم : لما أخرجه البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من كانت لأخيه مظلمة من عرض أو مال، فليتحلله اليوم قبل أن يُؤخذ منه يومَ لا دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أُخذ من سيئات صاحبه، فجُعلت عليه ».
وقد ذكر بعض أهل العلم تفصيلات أخرى للتوبة نلخصها فيما يلي ( ) :
* أن يترك التائب الذنب لله لا لشيء آخر.
* أن يستشعر التائب قبح الذنب وضرره.
* أن يبادر إلى التوبة فإن تأخير التوبة هو في حد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة.
* أن يخشى على توبته من النقص.
* استدراك ما فات من حق الله إن كان ممكنًا.
* أن يفارق من أعانه على المعصية.
* إتلاف المحرمات الموجودة عنده.
* أن يختار من الرفقاء الصالحين من يعينه على نفسه ويكون بديلاً عن رفقاء السوء.
* أن تكون التوبة قبل الغرغرة وقبل طلوع الشمس من مغربها.
و اعلم رحمني الله وإياك أن هناك بعضًا من الأمور التي تعينك على العودة والإنابة إلى الله عز وجل. منها على سبيل الذكر لا الحصر:
1- الإخلاص لله رب العالمين : قال الله عز وجل : "لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ "
2- تذكرة الآخرة : لما ثبت عن ابن عمر– رضي الله عنهما – أنه كان يقول: " إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".
3- المجاهدة : قال الله عز وجل : "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ".
4- الدعاء وتعلق القلب بالله : فقد دعا نبي الله ابراهيم وابنه اسماعيل – عليهما السلام - : "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ".
5- التفكر في أهوال يوم القيامة والقبور : هذا اليوم العظيم وصفه ربنا بأوصاف تنخلع لها القلوب، وتذهل لهولها العقول، فهو مرة الواقعة، وهو الحاقة، وهو الطّامة، وهو القارعة هو الصارخة.
ومع هذا فالناس في غفلة أو ي ريب إلا من رحم ربي.
فلو تذكر المسلم ما في ذلك اليوم من أهوال كان ذلك دافعًا وحافزًا له على العمل الصالح في السر والعلانية، وكذلك توبة صادقة إلى الله عز وجل.
6- التعرف على أضرار الذنوب والمعاصي والتفكر فيها .



التوبة # الطريق إلى التوبة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع